@ 193 @ تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام عليه عند قوله تعالى : { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا } ، وقد بين سبب لهو المال والولد عن ذكر الله ، بأن العبد يفتن في ذلك في قوله تعالى الآتي في سورة التغابن { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } . .
أي لمن سخر المال في طاعة الله ، وبالتأمل في آخر هذه السورة ، وآخر التي قبلها نجد اتحاداً في الموضوع والتوجيه . .
فهناك قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَازِقِينَ } . .
وجاء عقبه مباشرة سورة : إذا جاءك المنافقون ، ولعله مما يشعر أن الذين بادروا بالخروج للعير هم المنافقون ، وتبعهم الآخرون لحاجتهم لما تحمل العير ، وهنا بعد ما ركن المنافقون للمال جاء { لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ } فكانت أموالهم فتنة لهم في مقالتهم تلك ، فحذر الله المؤمنين بقوله : { لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ } سواء كان المراد بالأموال خصوص ذكر الخطبة والعير المتقدم ذكرهما ، أو عموم العبادات والمكتسبات . قوله تعالى : { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ } . فيه الإنفاق من بعض ما رزقهم ، وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، مبحث الاقتصاد في الإنفاق عند قوله في أول سورة البقرة { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } . قوله تعالى : { وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ } . وكذلك لا يقدمها عليه ، كما في قوله تعالى : { لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } . .
وبين تعالى عدم تأخرهم مع أنهم وعدوا بأنهم يصدقون ويكونون من الصالحين ، مشيراً للسبب في قوله تعالى : { وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي لو أخركم ، لأن شيمتكم الكذب وخلف الوعد ، وأن هذا دأب أمثالهم كما بينه تعالى في قوله : { وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ