@ 179 @ .
وعند الحنابلة قال في المغني ما نصه : .
فصل .
فأما الاستيطان فهو شرط في قول أكثر أهل العلم ، وهو الاستيطان في قرية على الأوصاف المذكورة لا يظعنون عنها صيفاً ولا شتاء ، ولا تجب على مسافر ولا على مقيم في قرية يظعن أهلها عنها في الشتاء دون الصيف ، أو في بعض السنة . .
فإن خربت القرية أو بعضها وأهلها مقيمون فيها عازمون على إصلاحها فحكمها باق في إقامة الجمعة بها وإن عزموا على النقلة عنها لم تجب عليهم لعدم الاستيطان . .
هذه خلاصة أقوال أهل المذاهب الأربعة متفقة على اشتراط الوطن والاستيطان . وإن اختلفت في صفة الوطن من مصر أو قرية أو نحوها مبينة بحجر أو طين أو أخشاب أو خيام ثابتة صيفاً وشتاء على ما تقدم . .
وقد انفرد أبو حنيفة ومعه صاحبه أبو يوسف باشتراط وجود الأمير والقاضي الذي يقيم الحدود احترازاً من القاضي الذي لا يقيم الحدود ، كقاضي السوق ، أو إذا كان من يلي القضاء امرأة على مذهبه في ذلك وهي لا تقضي في الحدود لعدم جواز شهادتها فيها ، واكتفى الأئمة الثلاثة بمطلق الاستيطان ، ومعلوم أن الاستيطان يستلزم الإمارة شرعاً وعقلاً . .
أما شرعاً فلقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من ثلاثة لا يؤمرون عليهم أميراً إلا استحوذ عليهم الشيطان ) . .
وعقلاً ، فإن مستوطنين لا تسلم أحوالهم من خلافات ومشاحة فيما بينهم فلا بد من شخص يرجعون إليه ، وهو في معنى الأمير المطلوب ، كما أن الاستيطان يستلزم السوق لحوائجهم كما هو معلوم عرفاً . .
وقد استدل الجمهور بحديث ابن عباس رضي الله عنه ( أن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرية من قرى البحرين يقال لها جواثي ) وبحديث أبي أمامة أنه جمع بهم بالمدينة قبل مجيء النَّبي صلى الله عليه وسلم في هزم من حرة بني بياضة يقال له : نقيع الخضمات . مما لا يستلزم المصر الذي اشترطه أبو حنيفة رحمه الله ،