@ 158 @ في الصلاة إذا قدم الرجل المسجد يوم الجمعة من غير توقيت كقوله : ( من بكر وابتكر ومشى ولم يركب وصلى ما كتب له ) . . . الحديث . .
وهذا المأثور عن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا أتوا المسجد يوم الجمعة يصلون من حين يدخلون ما تيسر . منهم من يصلي ثماني ركعات ، ومنهم من يصلي أقل من ذلك . ولهذا كان جمهور الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة بوقت مقدرة بعدد . .
ثم قال : وهذا مذهب مالك ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه ، وهو المشهور من مذهب أحمد . .
وذهب طائفة من العلماء إلى أن قبلها سنة ، فمنهم من جعلها ركعتين ، ومنهم من جعلها أربعاً تشبيهاً لها بسنة الظهر ، وقالوا : إن الجمعة ظهر مقصورة ، وهذا خطأ من وجهين وساقهما . وخلاصة ما ساقه فيهما أن الجمعة لها خصائص لا توجد في الظهر فليست ظهراً مقصورة . .
وكذلك أنه لم يكن صلى الله عليه وسلم يصلي في سفره سنة للظهر ، أي وهي مقصورة في السفر فلا تمسك في ذلك . .
أما عن حديث ( بين كل أذانين صلاة ) فالصواب أنه لا يقال إن قبل الجمعة سنة راتبة مقدرة ، وأنه صلى الله عليه وسلم قال : ( بين كل أذانين صلاة ) مرتين . وقال في الثالثة : ( لمن شاء ) . .
وهذا يدل على أن الصلاة مشروعة قبل الأوقات الخمسة ، وأن ذلك ليس بسنة راتبة . وقد احتج بعض الناس بهذا على الصلاة يوم الجمعة . .
وعارض غيره قائلاً : الأذان الذي على المنارة لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ويتوجه عليه أن يقال : هذا الأذان الثالث لما سنه عثمان رضي الله عنه واتفق عليه المسلمون صار أذاناً شرعياً ، وحينئذ فتكون الصلاة بينه وبين الأذان الثاني جائزة حسنة ، وليست سنة راتبة كالصلاة قبل المغرب ، وحينئذ فمن فعل ذلك لم ينكر عليه ، ومن ترك ذلك لم ينكر عليه . .
وهذا أعدل الأقوال . .
وكلام أحمد يدل عليه ، وحينئذ فقد يكون تركها أفضل إذا كان الجهال يعتقدون أن هذه سنة راتبة أو واجبة ، لا سيما إذا داوم الناس عليها ، فينبغي تركها أحياناً ، كما ينبغي