@ 99 @ .
وذكر القرطبي وابن كثير أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط جاءت فارَّة من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها عمارة والوليد ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخويها وحبسها ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ردها علينا للشرط ، فقال صلى الله عليه وسلم ( كان الشرط في الرجال لا في النساء ) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، والذي يظهر والله تعالى أعلم أنها مخصصة لمعاهدة الهدنة ، وهي من أحسن الأمثلة لتخصيص السنة بالقرآن ، كما قاله ابن كثير . .
وقد روي أنها مخصصة عن عروة والضحاك وعبد الرحمان بن زيد والزهري ومقاتل بن حيان والسدي . .
ويدل على أنها مخصصة أمران مذكوران في الآية . .
الأول منهما : أنها أحدثت حكماً جديداً في حقهن وهو عدم الحلية بينهن وبين أزواجهن ، فلا محل لإرجاعهن ، ولا يمكن تنفيذ معاهدة الهدنة مع هذا الحكم فخرجن منها وبقي الرجال . .
والثاني منهما : أنها جعلت للأزواج حق المعاوضة على ما أنفقوا عليهن ، ولو لم يكن داخلات أولاً لما كان طلب المعاوضة ملزماً ، ولكنه صار ملزماً ، وموجب إلزامه أنهم كانوا يملكون منعهن من الخروج بمقتضى المعاهدة المذكورة ، فإذا خرجن بغير إذن الأزواج كن كمن نقض العهد فلزمهن العوض المذكور . والله تعالى أعلم . .
وقوله تعالى : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } ، فيها تحريم المؤمنات على الكافرين ، والظاهر أن التحريم بالهجرة لا بالإسلام قبلها ، واتفق الجمهور على أنه إذا أسلم وهاجر أحد الزوجين بقيت العصمة إلى نهاية العدة ، فإن هاجر الطرف الآخر فيها ، فهما على نكاحهما الأول . .
وهنا مبحث زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجها أبي العاص بن الربيع . .
وقد كثر الخلاف في أمر ردها إليه هل كان بالعقد الأول ، أو جدَّد لها صلى الله عليه وسلم عقداً جديداً ، ومن أسباب كثرة الخلاف الربط بين تاريخ إسلامها وتاريخ إسلامه ، وبينهما ست سنوات وهذا خطأ ، لأن قبل نزول الآية لم يقع تحريم بين مسلمة وكافر ، ونزولها بعد الحديبية وإسلامها كان سنة ثمان ، فيحمل على عدم انقضاء عدتها ، وهذا يوافق على ما عليه الجمهور ، ونقل ابن كثير قولاً ، وهو أن المسلمة كانت بالخيار إن شاءت فسخت نكاحها