@ 98 @ للتوثق من هجرتهن بامتحانهن ليعلم إيمانهن ، ويرشح لهذا المعنى قوله تعالى : { اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ } ، وفي حق الرجال { أُوْلَائِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } ، وكذلك من جانب آخر ، وهو أن هجرة المؤمنات يتعلق عليها حق مع طرف آخر ، وهو الزوج فيفسخ نكاحها منه ، ويعوض هو عما أنفق عليها ، وإسقاط حقه في النكاح وإيجاب حقه في العوض قضايا حقوقية ، تتطلب إثباتاً بخلاف هجرة الرجال . والله تعالى أعلم . .
وقوله تعالى : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ } معلوم أن المؤمنات المهاجرات بعد الامتحان والعلم بأنهن مؤمنات لا ينبغي إرجاعهن إلى الكفار ، لأنهم يؤذونهن إن رجعن إليهم ، فلأي شيء يأتي النص عليه ؟ .
قال كثير من المفسرين : إن هذه الآية مخصصة لما جاء في معاهدة صلح الحديبية ، والتي كان فيها من جاء من الكفار مسلماً إلى المسلمين ردوه على المشركين ، ومن جاء من المسلمين كافراً للمشركين لا يردونه على المسلمين فأخرجت النساء من المعاهدة وأبقت الرجال من باب تخصيص العموم وتخصيص السنة بالقرآن ، وتخصيص القرآن بالسنة معلوم ، وقد بينه الشيخ رحمة الله تعالى عليه في مذكرة الأصول ، وذكر القاعدة من مراقي السعود بقوله : قال كثير من المفسرين : إن هذه الآية مخصصة لما جاء في معاهدة صلح الحديبية ، والتي كان فيها من جاء من الكفار مسلماً إلى المسلمين ردوه على المشركين ، ومن جاء من المسلمين كافراً للمشركين لا يردونه على المسلمين فأخرجت النساء من المعاهدة وأبقت الرجال من باب تخصيص العموم وتخصيص السنة بالقرآن ، وتخصيص القرآن بالسنة معلوم ، وقد بينه الشيخ رحمة الله تعالى عليه في مذكرة الأصول ، وذكر القاعدة من مراقي السعود بقوله : % ( وخصص الكتاب والحديث به % أو بالحديث مطلقاً فلتنتبه ) % .
ومما ذكره لأمثلة تخصيص السنة بالكتاب قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما أبين من حيّ فهو ميت ) ، أي محرم ، جاء تخصيص هذا العموم بقوله تعالى : { وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا } أي ليس محرماً . .
ومن أمثلة تخصيص الكتاب بالسنة قوله تعالى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ } جاء تخصيص هذا العموم بقوله صلى الله عليه وسلم : ( أحلت لنا ميتتان ودمان ، أما الميتتان : فالجراد والحوت ) الحديث قال القرطبي : جاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب والنَّبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية بعد ، فأقبل زوجها وكان كافراً ، فقال : يا محمد اردد علي امرأتي فإنك شرطت ذلك ، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد ، فأنزل الله هذه الآية ، وقال بعض المفسرين : إنها ليست مخصصة للمعاهدة ، لأن النساء لم يدخلن فيها ابتداء ، وإنما كانت في حق الرجال فقط .