@ 516 @ الجميع مستوون في الأهوال والحساب والجزاء . .
فدل ذلك على أن قوله : { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً } عام في جميع أهل المحشر ، فظهر أن السابقين وأصحاب اليمين منهم من هو من الأمم السابقة ، ومنهم من هو من هذه الأمة . .
وعلى هذا ، فظاهر القرآن ، أن السابقين من الأمم الماضية أكثر من السابقين من هذه الأمة ، وأن أصحاب اليمين من الأمم السابقة ليست أكثر من أصحاب اليمين من هذه الأمة ، لأنه عبر في السابقين من هذه الأمة بقوله : { وَقَلِيلٌ مِّنَ الاٌّ خِرِينَ } وعبر عن أصحاب اليمين من هذه الأمة { وَثُلَّةٌ مِّنَ الاٌّ خِرِينَ } . .
ولا غرابة في هذا ، لأن الأمم الماضية أمم كثيرة . وفيها أنبياء كثيرة ورسل ، فلا مانع من أن يجتمع من سابقيها من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من سابقي هذه الأمة وحدها . .
أما أصحاب اليمين من هذه الأمة فيحتمل أن يكونوا أكثر من أصحاب اليمين من جميع الأمم ، لأن الثلة تتناول العدد الكثير ، وقد يكون أحد العددين الكثيرين أكثر من الآخر ، مع أنهما كلاهما كثير . .
ولهذا تعلم أن ما دل عليه ظاهر القرآن واختاره ابن جرير ، لا ينافي ما جاء من أن نصف أهل الجنة من هذه الأمة . .
فأما كون قوله { وَقَلِيلٌ مِّنَ الاٌّ خِرِينَ } دل ظاهر القرآن على أنه في خصوص السابقين ، فلأن الله قال { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَائِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِى جَنَّاتِ النَّعِيمِ } ثم قال تعالى مخبراً عن هؤلاء السابقين المقربين { ثُلَّةٌ مِّنَ الاٌّ وَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الاٌّ خِرِينَ } . .
وأما كون قوله : { وَثُلَّةٌ مِّنَ الاٌّ خِرِينَ } في خصوص أصحاب اليمين ، فلأن الله تعالى قال { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً لاًّصْحَابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِّنَ الاٌّ وَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِّنَ الاٌّ خِرِينَ } ، والمعنى هم أي أصحاب اليمين : ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ، وهذا واضح كما ترى . قوله تعالى : { عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ } .