@ 473 @ .
وقد قدمنا الكلام على النطفة مستوفىً من جهات في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى : { خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ } . وفي سورة الحج في الكلام على قوله تعالى : { ياأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ } ، وفي كل من الموضعين زيادة ليست في الآخر . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من الاستدلال بخلق النوعين ، أعني الذكر والأنثى من النطفة جاء موضحاً في غير هذا الموضع ، وأنه يستدل به على أمرين : هما قدرة الله على البعث ، وأنه ما خلق الإنسان إلا ليكلفه ويجازيه ، وقد جمع الأمرين قوله تعالى : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالاٍّ نثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِىَ الْمَوْتَى } فذكر دلالة ذلك على البعث في قوله : { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِىَ الْمَوْتَى } ، وذكر أنه ما خلقه ليهمله من التكليف والجزاء ، منكراً على من ظن ذلك بقوله : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } أي مهملاً من التكليف والجزاء . .
وقد قدمنا بعض الكلام على هذا في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } . قوله تعالى : { وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الاٍّ خْرَى } . قد قدمنا الآيات الموضحة له ، وأحلنا عليها مراراً كثيرة . قوله تعالى : { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الاٍّ ولَى وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَى } . وقد قدمنا الآيات الموضحة لما أهلك به عاداً ، والآيات الموضحة لما أهلك به ثمود في سورة فصلت في قوله تعالى في الكلام في شأن عاد : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } . وقوله في شأن ثمود : { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ } : قوله تعالى : { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى } . قوله : { وَقَوْمَ نُوحٍ } معطوف على قوله : { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الاٍّ ولَى } أي وأهلك قوم نوح ولم يبين هنا كيفية إهلاكهم ، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر من