@ 468 @ صخرة لا يقدر على الحفر فيها ، وأصله من الكدية وهي الحجارة تعترض حافر البئر ونحوه فتمنعه الحفر ، وهذا الذي أعطى قليلاً وأكدى ، اختلف فيه العلماء ، فقيل هو الوليد بن المغيرة قارب أن يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم فعيَّره بعض المشركين ، فقال : أتركت دين الأشياخ وضللتهم ؟ قال : إني خشيت عذاب الله ، فضمن له الذي عاتبه إن هو أعطاه كذا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله ، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيَّره بعض ذلك المال الذي ضمن ومنعه ثمامة . فأنزل الله عز وجل الآية . وعلى هذا فقوله : { تَوَلَّى } : أي الوليد عن الإسلام بعد أن قارب ، وأعطى قليلاً من المال للذي ضمن له أن يتحمل عنه ذنوبه . { وَأَكْدَى } : أي بخل عليه بالباقي ، وقيل أعطى قليلاً من الكلام الطيب كمدحه للقرآن ، واعترافه بصدق النبي صلى الله عليه وسلم ، وأكدى أي انقطع عن ذلك ورجع عنه . وقيل : هو العاص بن وائل السهمي ، كان ربما وافق النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور ، وذلك هو معنى إعطائه القليل ثم انقطع عن ذلك ، وهو معنى إكدائه ، وهذا قول السدي ولم ينسجم مع قوله بعده : { أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ } . .
وعن محمد بن كعب القرظي أنه أبو جهل ، قال : والله ما يأمرنا محمد صلى الله عليه وسلم إلا بمكارم الأخلاق ، وذلك معنى إعطائه قليلاً ، وقطعه لذلك معروف . .
واقتصر الزمخشري على أنه عثمان بن عفان رضي الله عنه ، قال : روي أن عثمان بن عفان كان يعطي ماله في الخير فقال له عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وهو أخوه من الرضاعة : يوشك ألا يبقى لك شيء . فقال عثمان : إن لي ذنوباً وخطايا ، وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى ، وأرجو عفوه ، فقال عبد الله : أعطني ناقتك برحلها ، وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها ، فأعطاه وأشهد عليه ، وأمسك عن العطاء فنزلت الآية . .
ومعنى تولى ترك المركز يوم أحد ، فعاد عثمان إلى أحسن من ذلك وأجمل . انتهى منه . .
ولا يخفى سقوط هذا القول وبطلانه ، وأنه غير لائق بمنصب أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه . .
وقد تضمنت هذه الآيات الكريمة سبعة أمور :