@ 455 @ً ويناوله إياه ، فهم يتنازعونه كتنازع كؤوس الشراب والكلام ، وهذا المعنى معروف في كلام العرب . .
ومنه في الشراب قول الأخطل : ومنه في الشراب قول الأخطل : % ( وشارب مربح بالكأس نادمني % لا بالحصور ولا فيها بسوار ) % % ( نازعته طيب الراح الشمول وقد % صاح الدجاج وحانت وقعة السار ) % .
فقوله : نازعته طيب الراح : أي ناولته كؤوس الخمر وناولنيها ، ومنه في الكلام قول امرىء القيس : فقوله : نازعته طيب الراح : أي ناولته كؤوس الخمر وناولنيها ، ومنه في الكلام قول امرىء القيس : % ( ولما تنازعنا الحديث وأسمحت % هصرت بغصن ذي شماريخ ميال ) % .
والكأس تطلق على إناء الخمر ، ولا تكاد العرب تطلق الكأس إلا على الإناء المملوء ، وهي مؤنثة ، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } يعني أن خمر الجنة التي يتعاطاها المؤمنون ، فيها مخالفة في جميع الصفات لخمر الدنيا ، فخمر الآخرة لا لغو فيها ، واللغو كل كلام ساقط لا خير فيه ، فخمر الآخرة لا تحمل شاربيها على الكلام الخبيث والهذيان ، لأنها لا تؤثر في عقولهم بخلاف خمر الدنيا ، فإنهم إن يشربوها سكروا وطاشت عقولهم ، فتكلموا بالكلام الخبيث والهذيان ، وكل ذلك من اللغو . .
والتأثيم : هو ما ينسب به فاعله إلى الإثم ، فخمر الآخرة لا يأثم شاربها بشربها ، لأنها مباحة له ، فنعم بلذتها كما قال تعالى : { وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } ولا تحمل شاربها على أن يفعل إثماً بخلاف خمر الدنيا ، فشاربها يأثم بشربها ويحمله السكر على الوقوع في المحرمات كالقتل والزنا والقذف . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من مخالفة خمر الآخرة لخمر الدنيا ، جاء موضحاً في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } وقوله { لاَ فِيهَا غَوْلٌ } : أي ليس فيها غول يغتال العقول ، فيذهبها كخمر الدنيا . { وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } : أي لا يسكرون ، وكقوله تعالى : { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن