@ 443 @ .
وهذا يدل على أنهم إنما اتفقوا لأن قلوب بعضهم تشبه قلوب بعض في الكفر والطغيان ، فتشابهت مقالاتهم للرسل لأجل تشابه قلوبهم . .
وقد أوضح تعالى هذا المعنى في سورة البقرة : { كَذَالِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ } . قوله تعالى : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } . نفيه جل وعلا في هذه الآية الكريمة للوم عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، يدل على أنه أدى الأمانة ونصح للأمة . .
وقد أوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع كقوله تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً } . وقوله تعالى : { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ } ، والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة معلومة . قوله تعالى : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } . قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك ، أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يجعل الله شيئاً لحكم متعددة ، فيذكر بعض حكمه في بعض المواضع ، فإنا نذكر بقية حكمه ، والآيات الدالة عليها ، وقد قدمنا أمثلة ذلك . .
ومن ذلك القبيل هذه الآية الكريمة ، فإنها تضمنت واحدة من حكم التذكير وهي رجاء انتفاع المذكر به ، لأن تعالى قال هنا : { وَذَكِّرْ } ، ورتب عليه قوله : { فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } . .
ومن حكم ذلك أيضاً خروج المذكر من عهدة التكليف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد جمع الله هاتين الحكمتين في قوله { قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } . .
ومن حكم ذلك أيضاً النيابة عن الرسل في إقامة حجة الله على خلقه في أرضه لأن الله تعالى يقول { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } .