@ 430 @ { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاّمْلاّنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } قال : فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة يس في الكلام على قوله تعالى : { لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ } ، لأن إقسامه تعالى في هذه الآية المدلول عليه بلام التوطئة في لأملأن على أنه يملأ جهنم من الجنة والناس ، دليل على أنها لا بد أن تمتلىء ، ولذا قالوا : إن معنى هل من مزيد ، لا مزيد ، لأني قد امتلأت فليس في محل للمزيد ، وأما القول الآخر ، فهو أن المراد بالاستفهام في قول النار : هل من مزيد ؟ هو طلبها للزيادة ، وأنها لا تزال كذلك حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوى بعضها إلى بعض وتقول : قط قط أي كفاني قد امتلأت ، وهذا الأخير هو الأصح ، ولما ثبت في الصحيحين ، وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن جهنم لا تزال تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط ) ، لأن في هذا الحديث المتفق عليه التصريح بقولها قط قط ، أي كفاني قد امتلأت ، وأن قولها قبل ذلك هل من مزيد لطلب الزيادة ، وهذا الحديث الصحيح من أحاديث الصفات ، وقد قدمنا الكلام عليها مستوفى في سورة الأعراف والقتال . واعلم أن قول النار في هذه الآية : هل من مزيد ، قول حقيقي ينطقها الله به ، فزعم بعض أهل العلم أنه كقول الحوض : ( أن جهنم لا تزال تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط ) ، لأن في هذا الحديث المتفق عليه التصريح بقولها قط قط ، أي كفاني قد امتلأت ، وأن قولها قبل ذلك هل من مزيد لطلب الزيادة ، وهذا الحديث الصحيح من أحاديث الصفات ، وقد قدمنا الكلام عليها مستوفى في سورة الأعراف والقتال . واعلم أن قول النار في هذه الآية : هل من مزيد ، قول حقيقي ينطقها الله به ، فزعم بعض أهل العلم أنه كقول الحوض : % ( امتلأ الحوض فقال قطني % مهلاً رويداً قد ملأت بطني ) % .
وأن المراد بقولها ذلك هو ما يفهم من حالها خلاف التحقيق وقد أوضحنا ذلك بأدلته في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى : { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } . قوله : أزلفت أي قربت . وقوله غير بعيد : فيه معنى التوكيد لقوله : أزلفت سواء أعربت غير بعيد بأنها حال أو ظرف ، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من إزلاف الجنة للمتقين جاء في مواضع أخر من كتاب الله كقوله تعالى : { وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } ، وقوله تعالى : { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } .