@ 395 @ .
وإيضاح المعنى أنه تعالى وفق المؤمنين بإنزال السكينة ، وازدياد الإيمان وأشقى غيرهم من المشركين والمنافقين فلم يوفقهم بذلك ليجازي كلا بمقتضى عمله . .
وهذه الآية شبيهة في المعنى بقوله تعالى في آخر الأحزاب : { وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } . قوله تعالى : { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } . بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أنه يجازي المشركين والمشركات والمنافقين والمنافقات بثلاث عقوبات وهي غضبه ، ولعنته ، ونار جهنم . .
وقد بين في بعض الآيات بعض نتائج هذه الأشياء الثلاثة ، كقوله في الغضب : { وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَى } . وقوله في اللعنة ، { وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً } وقوله في نار جهنم : { رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ } . قوله تعالى : { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } . بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أنه أرسل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم شاهداً ومبشراً ونذيراً . .
وقد بين تعالى أنه يبعثه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة شاهداً على أمته ، وأنه مبشر للمؤمنين ومنذر للكافرين . قال تعالى في شهادته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على أمته { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَاؤُلاءِ شَهِيداً } وقوله تعالى : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَاؤُلآءِ } . .
فآية النساء وآية النحل المذكورتان الدالتان على شهادته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على أمته تبينان آية الفتح هذه . .
وما ذكرنا من أنه مبشر للمؤمنين ونذير للكافرين أوضحه في قوله تعالى : { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلَسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } .