@ 390 @ .
وذلك كقوله هنا { وَأَنتُمُ الاٌّ عْلَوْنَ } وقوله : { وَاللَّهُ مَعَكُمْ } أي بالنصر والإعانة والثواب . .
واعلم أن آية القتال هذه لا تعارض بينها وبين آية الأنفال حتى يقال إن إحداهما ناسخة للأخرى ، بل هما محكمتان وكل واحدة منهما منزلة على حال غير الحال التي نزلت عليه الأخرى . .
فالنهي في آية القتال هذه في قوله تعالى : { فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُواْ إِلَى السَّلْمِ } إنما هو عن الابتداء بطلب السلم . .
والأمر بالجنوح إلى السلم في آية الأنفال محله فيما إذا ابتدأ الكفار بطلب السلم والجنوح لها ، كما هو صريح قوله تعالى : { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَاللَّهُ مَعَكُمْ } قد قدمنا الآيات الموضحة له في آخر سورة النحل في الكلام على قوله تعالى { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } وهذا الذي ذكرنا في معنى هذه الآية أولى وأصوب مما فسرها به ابن كثير رحمه الله . .
وهو أن المعنى : لا تدعوا إلى الصلح والمهادنة وأنتم الأعلون أي في حال قوتكم وقدرتكم على الجهاد . .
أي ، وإما إن كنتم في ضعف وعدم قوة فلا مانع من أن تدعوا إلى السلم أي الصلح والمهادنة ، ومنه قول العباس بن مرداس السلمي : ومنه قول العباس بن مرداس السلمي : % ( السلم تأخذ منها ما رضيت به % والحرب تكفيك من أنفاسها جرع ) % .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } أي لن ينقصكم شيئاً من ثواب أعمالكم . .
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة من عدم نقصه تعالى شيئاً من ثواب الأعمال جاء موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى { وَإِن تُطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً } أي لا ينقصكم من ثوابها شيئاً . .
وقوله تعالى : { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ