@ 373 @ .
يجب عليه أن يتنبه تنبهاً تاماً للفرق بين أقوال ذلك الإمام التي خالها حقاً ، وبين ما ألحق بعده على قواعد مذهبه ، وما زاده المتأخرون وقتاً بعد وقت من أنواع الاستحسان التي لا أساس لها في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . .
ولو علم الإمام بإلحاقهم بمذهبه ، لتبرأ منها ، وأنكر على ملحقها ، فنسبة جميع ذلك للإمام من الباطل الواضح . .
ويزيده بطلانا نسبته إلى الله ورسوله ، بدعوى أنه شرع ذلك على لسان رسوله ، ونحو هذا كثير في المختصرات في المذاهب وكتب المتأخرين منهم . .
ومن أمثلته في مذهب مالك قول خليل المالكي في مختصره الذي قال فيه مبيناً لما به الفتوى : كأقل الطهر يعني أن قل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوماً . .
والذين يعتقدون مذهب مالك يعتقدون أن مالكاً يقول : بأن أقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوماً . .
وهذا لم يقله مالك أبداً ولم يفت به ولم يروه عنه أحد من أصحابه . .
والذي كان يقوله مالك : إن أقل الطهر ثمانية أيام أو عشرة أيام . .
وهو الذي نقله عنه أجلاء أهل مذهبه كأبي محمد بن أبي زيد في رسالته رحمه الله . .
والقول بأن أقل الطهر خمسة عشر هو قول ابن مسلمة واعتمده صاحب التلقين ، وجعله ابن شاش المشهور أي مشهور مذهب مالك . .
مع أن مالكاً لم يقله ولم يعلم به ، وأمثال هذا كثيرة جداً في مذهب مالك وغيره . .
ومثال استحسان المتأخرين ما لم يقله الإمام مما لا شك أنه لو بلغ الإمام لم يقبله قول الحطاب في شرحه لقول خليل في مختصره في الصوم : وعاشوراء وتاسوعاء . ما نصه : قال الشيخ زروق في شرح القرطبية : صيام المولد كرهه بعض من قرب عصره ممن صلح علمه وورعه . .
قال إنه من أعياد المسلمين فينبغي ألا يصام فيه ، وكان شيخنا أبو عبد الله القوري يذكر ذلك كثيراً ويستحسنه . انتهى . .
قلت : لعله يعني ابن عباد . فقد قال في رسائله الكبرى ما نصه : وأما المولد فالذي يظهر لي أنه عيد من أعياد المسلمين وموسم من مواسمهم ، وكل ما يفعل فيه مما