@ 370 @ القرآن أقوى سنداً وإن كانت السنة أظهر دلالة ، ولأجل هذا لم يبح ميتة الجراد بدون ذكاة لأنه يقدم عموم { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ } . حديث ( أحلت لنا ميتتان ودمان ) الحديث ، وقدم عموم قوله تعالى { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } . على الأحاديث الواردة بالجهر بآمين لأن التأمين دعاء ، والدعاء مأمور بإخفائه في الآية المذكورة . .
فالآية أقوى سنداً وأحاديث الجهر بالتأمين أظهر دلالة في محل النزاع . ومن المعلوم أن أكثر أهل العلم يقدمون السنة في نحو هذا . .
وقد قدم مالك رحمه الله دليل القرآن فيما ذكرنا كما قدمه أيضاً في الثانية من سجدتي الحج لأن نص الآية الكريمة فيها كالصريح في أن المراد سجود الصلاة ، لأن الله يقول فيها . { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ارْكَعُواْ وَاسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ } . .
فذكر الركوع مع السجود يدل على أن المراد سجود الصلاة . .
والأمر بالصلاة في القرآن لا يستلزم سجود التلاوة كقوله : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } . .
ولذلك لا يسجد عند قوله تعالى في آخر الحجر { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ السَّاجِدِينَ } . .
قالوا لأن معنى قوله : { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } أي صل لربك متلبساً بحمده ، وكن من الساجدين في صلاتك . .
ولا شك أن قوله تعالى في ثانية الحج { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ارْكَعُواْ } . أصرح في إرادة سجود الصلاة من قوله تعالى : { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ السَّاجِدِينَ } . .
ثم بعد هذا كله فإننا نكرر أن الأئمة رحمهم الله لا يلحقهم نقص ولا عيب فيما أخذ عليهم ، لأنهم رحمهم الله بذلوا وسعهم في تعلم ما جاء عن الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ثم اجتهدوا بحسب طاقتهم ، فالمصيب منهم له أجر اجتهاده وإصابته ، والمخطىء منهم مأجور في اجتهاده معذور في خطئه ، ولا يسعنا هنا مناقشة الأدلة فيما أخذ عليهم رحمهم الله ، وإنما قصدنا مع الاعتراف بعظم منزلتهم أن نبين أن كتاب الله وسنة