@ 358 @ .
التنبيه الثامن .
اعلم أن كلاً من الأئمة أخذت عليه مسائل . قال بعض العلماء : إنه خالف فيها السنة . .
وسنذكر طرفاً من ذلك هنا إن شاء الله . .
أما الإمام أبو حنيفة رحمه الله فهو أكثر الأئمة في ذلك ، لأنه أكثرهم رأياً . .
ولكثرة المسائل التي حصل فيها القيل والقال من ذلك لا نحتاج إلى بسط تفصيلها . .
وبعض المسائل التي قيل فيها ذلك يظهر أنه لم تبلغه السنة فيها ، وبعضها قد بلغته السنة فيها ، ولكنه تركها لشيء آخر ظنه أرجح منها . .
كتركه العمل لحديث القضاء بالشاهد واليمين في الأموال . .
وحديث ( تغريب الزاني البكر ) لأنه ترك العمل بذلك ونحوه احتراماً للنصوص القرآنية في ظنه . .
لأنه يعتقد أن الزيادة على النص نسخ وأن القضاء بالشاهد واليمين نسخ . لقوله تعالى : { وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَآءِ } . .
فاحترم النص القرآني المتواتر ، فلم يرض نسخه بخبر آحاد سنده دون سنده . .
لأن نسخ المتواتر بالآحاد عنده ، رفع للأقوى بالأضعف ، وذلك لا يصح . .
وكذلك حديث تغريب الزاني البكر فهو عنده زيادة ناسخة لقوله تعالى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ } والمتواتر لا ينسخ بالآحاد . .
فتركه العمل بهذا النوع من الأحاديث بناه على مقدمتين : .
إحداهما : أن الزيادة على النص نسخ . .
والثانية : أن المتواتر لا ينسخ بالآحاد . .
وخالفه في المقدمة الأولى جمهور العلماء . .
ووافقوه في الثانية . .
والذي يظهر لنا ونعتقده اعتقاداً جازماً أن كلتا المقدمتين ليست بصحيحة . .
أما الزيادة فيجب فيها التفصيل . .
فإن كانت أثبتت حكماً نفاه النص أو نفت حكماً أثبته النص فهي نسخ .