@ 354 @ الرجال من التكليف بما لا يطاق . .
لأنا لا قدرة لنا على معرفة الكتاب والسنة حتى نعمل بهما . .
ولا يمكننا معرفة شيء من الشرع إلا عن طريق الإمام الذي نقلده . .
لأنا لم نتعلم نحن ولا آباؤنا شيئاً غير ذلك . .
فإذا لم نقلد إمامنا بقينا في حيرة لا نعلم شيئاً من أحكام عباداتنا ولا معاملاتنا ، وتعطلت بيننا الأحكام إذ لا نعرف قضاء ولا فتوى ولا غير ذلك من الأحكام إلا عن طريق مذهب إمامنا . .
لأن أحكامه مدونة عندنا وهي التي نتعلمها ونتدارسها دون غيرها من الكتاب أو السنة وأقوال الصحابة ومذاهب الأئمة الآخرين . .
ونحن نقول : .
والله لقد ضيقتم واسعاً . وادعيتم العجز ، وعدم القدرة في أمر سهل . .
ولا شك أن الأحوال الراهنة للمقلدين الأعمى ، للمذاهب المدونة تقتضي صعوبة شديدة جداً في طريق التحول من التقليد الأعمى إلى الاستضاءة بنور الوحي . .
وذلك إنما نشأ من شدة التفريط في تعلم الكتاب والسنة والإعراض عنهما إعراضاً كلياً يتوارثه الأبناء عن الآباء ، والآباء عن الأجداد . .
فالداء المستحكم من مئات السنين لا بد لعلاجه من زمن طويل . .
ونحن لا نقول : إن الجاهل بالكتاب والسنة يعمل بهما باجتهاده . .
بل نعوذ بالله من أن نقول ذلك . .
ولكنا نقول : إن الكتاب والسنة يجب تعلمهما ، ولا يجوز الإعراض عنهما وأن كل ما علمه المكلف منهما علماً صحيحاً ناشئاً عن تعلم صحيح وجب عليه العمل به . .
فالبلية العظمى إنما نشأت من توارث الإعراض عنهما إعراضاً كلياً اكتفاء عنهما بغيرهما . .
وهذا من أعظم المنكر وأشنع الباطل . .
فالذي ندعو إليه هو المبادرة بالرجوع إليهما بتعلمهما أولاً ثم العمل بهما والتوبة إلى الله من الإعراض عنهما . .
ودعوى أن تعلمهما غير مقدور عليه ، لا يشك في بطلانها عاقل ، ونعيذ أنفسنا وإخواننا بالله أن يدعوا على أنفسهم أن على قلوبهم أكنة ، وفي آذانهم وقراً يمنعهم من فهم كتاب الله . .
لأن ذلك قول الكفار لا قول المسلمين قال الله تعالى { حم تَنزِيلٌ مِّنَ