@ 353 @ .
وقوله تعالى : { اتَّبِعْ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } . .
وقوله تعالى : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } . .
والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة . .
فالعمل بالوحي ، هو الاتباع كما دلت عليه الآيات . .
ومن المعلوم الذي لا شك فيه ، أن اتباع الوحي المأمور به في الآيات لا يصح اجتهاد يخالفه من الوجوه ، ولا يجوز التقليد في شيء يخالفه . .
فاتضح من هذا الفرق بين الاتباع والتقليد ، وأن مواضع الاتباع ليست محلاً أصلاً للاجتهاد ولا للتقليد . .
فنصوص الوحي الصحيحة الواضحة الدلالة السالمة من المعارض لا اجتهاد ولا تقليد معها ألبتة . .
لأن اتباعها والإذعان لها فرض على كل أحد كائناً من كان كما لا يخفى . .
وبهذا تعلم أن شروط المجتهد التي يشترطها الأصوليون إنما تشترط في الاجتهاد . .
وموضع الاتباع ليس محل اجتهاد . .
فجعل شروط المجتهد في المتبع مع تباين الاجتهاد والاتباع وتباين مواضعهما خلط وخبط ، كما ترى . .
والتحقيق أن اتباع الوحي لا يشترط فيه إلا علمه بما يعمل به من ذلك الوحي الذي يتبعه . .
وأنه يصح علم حديث والعمل به ، وعلم آية والعمل بها . .
ولا يتوقف ذلك على تحصيل جميع شروط الاجتهاد . .
فيلزم المكلف أن يتعلم ما يحتاج إليه من الكتاب والسنة ، ويعمل بكل ما علم من ذلك ، كما كان عليه أول هذه الأمة ، من القرون المشهود لها بالخير . .
التنبيه الخامس .
اعلم أنه لا يخفى علينا أن المقلدين التقليد الأعمى المذكور ، يقولون : .
هذا الذي تدعوننا إليه وتأمروننا به من العمل بالكتاب والسنة ، وتقديمهما على آراء