@ 351 @ .
ولم يجعل واسطة بين إذنه في ذلك وبين الافتراء عليه . .
فمن كان عنده إذن من الله بتحريم هذا أو تحلياً فليعتمد على إذن الله في ذلك . .
ومن لم يكن عنده إذن من الله في ذلك فليحذر من الافتراء على الله . .
إذ لا واسطة بين الأمرين . .
ومعلوم أن العبرة بعموم لفظ الآية لا بخصوص سببها . .
فالذين يقولون من الجهلة المقلدين : هذا حلال وهذا حرام ، وهذا حكم الله ، ظناً منهم أن أقوال الإمام الذي قلدوه تقوم مقام الكتاب والسنة وتغني عنهما . .
وإن ترك الكتاب والسنة والاكتفاء بأقوال من قلدوه أسلم لدينه أعمتهم ظلمات الجهل المتراكمة عن الحقائق حتى صاروا يقولون هذا . .
فهم كما ترى ، مع أن الإمام الذي قلدوه ، ما كان يتجرأ على مثل الذي تجرؤوا عليه ، لأن علمه يمنعه من ذلك . .
والله جل وعلا يقول : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الاٌّ لْبَابِ } . .
التنبيه الرابع .
اعلم أن مما لا بد منه معرفة ، الفرق بين الاتباع والتقليد ، وأن محل الاتباع لا يجوز التقليد فيه بحال . .
وإيضاح ذلك : أن كل حكم ظهر دليله من كتاب الله ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو إجماع المسلمين ، لا يجوز فيه التقليد بحال . .
لأن كل اجتهاد يخالف النص ، فهو اجتهاد باطل ، ولا تقليد إلا في محل الاجتهاد . .
لأن نصوص الكتاب والسنة ، حاكمة على كل المجتهدين ، فليس لأحد منهم مخالفتها كائناً من كان . .
ولا يجوز التقليد فيما خالف كتاباً أو سنة أو إجماعاً إذ لا أسوة في غير الحق . .
فليس فيما دلت عليه النصوص إلا الاتباع فقط . .
ولا اجتهاد ، ولا تقليد فيما دل عليه نص ، من كتاب أو سنة ، سالم من المعارض .