@ 261 @ .
فادعاء كثير من المتأخرين ، أنه يجب ترك العمل به ، حتى يبحث عن المخصص ، والمقيد مثلاً خلاف التحقيق . .
الوجه الثاني : أن غير المجتهد إذا تعلم آيات القرآن ، أو بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ليعمل بها ، تعلم ذلك النص العام ، أو المطلق ، وتعلم معه ، مخصصه ومقيده إن كان مخصصاً أو مقيداً ، وتعلم ناسخه إن كان منسوخاً وتعلم ذلك سهل جداً ، بسؤال العلماء العارفين به ، ومراجعة كتب التفسير والحديث المعتد بها في ذلك ، والصحابة كانوا في العصر الأول يتعلم أحدهم آية فيعمل بها ، وحديثاً فيعمل به ، ولا يمتنع من العمل بذلك حتى يحصل رتبة الاجتهاد المطلق ، وربما عمل الإنسان بما علم فعلمه ما لم يكن يعلم ، كما يشير له قوله تعالى : { وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ } وقوله تعالى : { يِاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا } على القول بأن الفرقان هو العلم النافع الذي يفرق به بين الحق والباطل . .
وقوله تعالى : { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } . .
وهذه التقوى ، التي دلت الآيات ، على أن الله يعلم صاحبها ، بسببها ما لم يكن يعلم ، لا تزيد على عمله بما علم ، من أمر الله وعليه فهي عمل ببعض ما علم زاده الله به علم ما لم يكن يعلم . .
فالقول بمنع العمل بما علم من الكتاب والسنة ، حتى يحصل رتبة الاجتهاد المطلق ، هو عين السعي في حرمان جميع المسلمين ، من الانتفاع بنور القرآن ، حتى يحصلوا شرطاً مفقوداً ، في اعتقاد القائلين بذلك ، وادعاء مثل هذا على الله وعلى كتابه وعلى سنة رسوله هو كما ترى .