@ 254 @ { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } ، وقد بين تعالى من صفات خمر الجنة أنها لا تسكر شاربها ، ولا تسبب له الصداع الذي هو وجع الرأس في آيات من كتابه كقوله تعالى : { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } ، وقوله { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } . .
وقد قدمنا معنى هذه الآيات بإيضاح في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاٌّ نصَابُ وَالاٌّ زْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ } . وقوله تعالى في الآية الكريمة { غَيْرِ ءَاسِنٍ } أي غير متغير اللون ولا الطعم . والآسن والآجن معناهما واحد ، ومنه قول ذي الرمة : غَيْرِ ءَاسِنٍ } أي غير متغير اللون ولا الطعم . والآسن والآجن معناهما واحد ، ومنه قول ذي الرمة : % ( ومنهل آجن قفر محاضره % تذروا الرياح على جماته البعرا ) % .
وقول الراجز : % ( ومنهل فيه الغراب ميت % كأنه من الأجون زيت ) % .
وبما ذكرنا تعلم أن قوله : غير آسن كقوله : من لبن لم يتغير طعمه . قوله تعالى : { وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ } . قد بين تعالى في سورة البقرة أن الثمار التي يرزقها أهل الجنة يشبه بعضها بعضاً في الجودة والحسن والكمال ، ليس فيها شيء رديء ، وذلك في قوله تعالى : { كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَاذَا الَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً } . قوله تعالى : { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الحج ، في الكلام على قوله تعالى { يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِى بُطُونِهِمْ } . قوله تعالى : { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } .