@ 238 @ فعل مضارع مجزوم بكونه جزاء الطلب . .
وجمهور علماء العربية على أن الفعل إذا كان كذلك فهو مجزوم بشرط مقدر ، لا بالجملة قبله ، كما قيل به . .
وعلى الصحيح الذي هو مذهب الجمهور ، فتقرير المعنى : { أَجِيبُواْ دَاعِىَ اللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِ } إن تفعلوا ذلك يغفر لكم ، فيتوهم في الآية مفهوم هذا الشرط المقدر . .
والجواب عن هذا : أن مفهوم الشرط عند القائل به ، إنما هو في فعل الشرط لا في جزائه ، وهو معتبر هنا في فعل الشرط على عادته ، فمفهوم أن تجيبوا داعي الله وتؤمنوا به يغفر لكم ، أنهم إن لم يجيبوا داعي الله ولم يؤمنوا به لم يغفر لهم ، وهو كذلك . .
أما جزاء الشرط فلا مفهوم له لاحتمال أن تترتب على الشرط الواحد مشروطات كثيرة ، فيذكر بعضها جزاء له فلا يدل على نفي غيره . .
كما لو قلت لشخص مثلاً : إن تسرق يجب عليك غرم ما سرقت . .
فهذا الكلام حق ولا يدل على نفي غير الغرم كالقطع ، لأن قطع اليد مرتب أيضاً على السرقة كالغرم . .
وكذلك الغفران ، والإجارة من العذاب ودخول الجنة كلها مرتبة على إجابة داعي الله والإيمان به . .
فذكر في الآية بعضها وسكت فيها عن بعض ، ثم بين في موضع آخر ، وهذا لا إشكال فيه . .
وأما وجه توهم دخوله في مفهوم اللقب ، فلأن اللقب في اصطلاح الأصوليين هو ما لم يمكن انتظام الكلام العربي دونه ، أعني المسند إليه سواء كان لقباً أو كنية أو اسماً أو اسم جنس أو غير ذلك . .
وقد أوضحنا اللقب غاية في المائدة . .
والجواب عن عدم دخوله في مفهوم اللقب ، أن الغفران والإجارة من العذاب المدعي بالفرض أنهما لقبان لجنس مصدريهما ، وأن تخصيصهما بالذكر يدل على نفي غيرهما في الآية سندان لا مسند إليهما بدليل أن المصدر فيهما كامن في الفعل ولا يستند