@ 237 @ .
ويستأنس لهذا بقوله تعالى { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } فإنه يشير إلى أن في الجنة جناً يطمثون النساء كالإنس . .
والجواب عن هذا ، أن آية الأحقاف ، نص فيها على الغفران ، والإجارة من العذاب ، ولم يتعرض فيها لدخول الجنة ، بنفي ولا إثبات ، وآية الرحمان نص فيها على دخولهم الجنة ، لأنه تعالى قال فيها : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } . .
وقد تقرر في الأصول أن الموصولات من صيغ العموم ، فقوله : { وَلِمَنْ خَافَ } ، يعم كل خائف مقام ربه ، ثم صرح بشمول ذلك الجن والإنس معاً بقوله : { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } . .
فبين أن الوعد بالجنتين لمن خاف مقام ربه من آلائه ، أي نعمه على الإنس والجن ، فلا تعارض بين الآيتين ، لأن إحداهما بينت ما لم تعرض له الأخرى . .
ولو سلمنا أن قوله : { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } ، يفهم منه عدم دخولهم الجنة ، فإنه إنما يدل عليه بالمفهوم ، وقوله : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يدل على دخولهم الجنة بعموم المنطوق . .
والمنطوق مقدم على المفهوم كما تقرر في الأصول . .
ولا يخفى أنا إذا أردنا تحقيق هذا المفهوم المدعي وجدناه معدوماً من أصله للإجماع على أن قسمة المفهوم ثنائية ، إما أن يكون مفهوم موافقة أو مخالفة ولا ثالث . .
ولا يدخل هذا المفهوم المدعي في شيء من أقسام المفهومين . .
أما عدم دخوله في مفهوم الموافقة بقسميه فواضح . .
وأما عدم دخوله في شيء من أنواع مفهوم المخالفة ، فلأن عدم دخوله في مفهوم الحصر أو الغاية أو العدد أو الصفة أو الظرف واضح . .
فلم يبق من أنواع مفهوم المخالفة يتوهم دخوله فيه إلا مفهوم الشرط أو اللقب ، وليس داخلاً في واحد منهما . .
فظهر عدم دخوله فيه أصلاً . .
أما وجه توهم دخوله في مفهوم الشرط ، فلأن قوله : { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ }