@ 209 @ .
ولهذا قال تعالى بعده قريباً منه { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ } . وقال تعالى في الأعراف { أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } . وقال تعالى في الحج { ياأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُواْ لَهُ } أي ومن لم يقدر أن يخلق شيئاً لا يصح أن يكون معبوداً بحال وقال تعالى : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الاّعْلَى الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى } . .
ولما بين تعالى في أول سورة الفرقان ، صفات من يستحق أن يعبد ، ومن لا يستحق ذلك . .
قال في صفات من يستحق العبادة : { الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى المُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } . .
وقال في صفات من لا يصح أن يعبد { وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ ءْالِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } . .
والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً وكل تلك الآيات تدل دلالة واضحة على أنه تعالى ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا خلقاً متلبساً بالحق . .
وقد بين جل وعلا أن من الحق الذي خلق السماوات والأرض وبينهما ، خلقاً متلبساً به ، تعليمه خلقه أنه تعالى على كل شيء قدير ، وأنه قد أحاط بكل شيء علماً ، وذلك في قوله تعالى : { اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الاٌّ رْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الاٌّ مْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمَا } . .
فلام التعليل في قوله : لتعلموا متعلقة بقوله { خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } وبه تعلم أنه ما خلق السماوات السبع ، والأرضين السبع ، وجعل الأمر يتنزل بينهن ، إلا خلقاً متلبساً بالحق . .
ومن الحق الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما خلقاً متلبساً به ، هو تكليف الخلق ، وابتلاؤهم أيهم أحسن عملاً ، ثم جزاؤهم على أعمالهم ، كما قال تعالى في أول