@ 41 @ .
وقال بعضهم : من فوقهن أي كل سماء تتفطر فوق التي تليها . .
وقال الزمخشري في الكشاف : فإن قلت لم قال : { مِن فَوْقِهِنَّ } قلت : لأن أعظم الآيات وأدلها على الجلال والعظمة فوق السماوات ، وهي العرش والكرسي ، وصفوف الملائكة ، المرتجة بالتسبيح والتقديس حول العرش ، وما لا يعلم كنهه إلا الله تعالى من آثار ملكوته العظمى ، فلذلك قال : { يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } أي يبتدىء الانفطار من جهتهن الفوقانية . .
أو لأن كلمة الكفر جاءت من الذي تحت السموات ، فكان القياس أن يقال : يتفطرن من تحتهن من الجهة التي جاءت منها الكلمة . .
ولكنه بولغ في ذلك فجعلت مؤثرة في وجهة الفوق . كأنه قيل : يكدن يتفطرن من الجهة التي فوقهن ، دع الجهة التي تحتهن . .
ونظيره في المبالغة قوله عز وجل { يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِى بُطُونِهِمْ } فجعل الحميم مؤثراً في أجزائهم الباطنة ا ه . محل الغرض منه . .
وهذا إنما يتمشى على القول بأن سبب التفطر المذكور هو افتراؤهم على الله في قولهم { اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَداً } . .
وقد قدمنا آنفاً أنه دلت عليه آية مريم المذكورة وعليه فمناسبة قوله : { وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } لما قبله أن الكفار وإن قالوا أعظم الكفر وأشنعه ، فإن الملائكة بخلافهم فإنهم يداومون ذكر الله وطاعته . .
ويوضح ذلك قوله تعالى : { فَإِنِ اسْتَكْبَرُواْ فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأمُونَ } وقوله تعالى : { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَاؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ } ، كما قدمنا إيضاحه في آخر سورة فصلت . قوله تعالى : { أَلاَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } . أكد جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أنه هو الغفور الرحيم ، وبَين فيها أنه هو وحده المختص بذلك .