@ 38 @ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } . .
وقوله تعالى : { اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ذكر جل وعلا فيه الثناء على نفسه ، باسمه العزيز واسمه الحكيم بعد ذكره إنزاله وحيه على أنبيائه ، كما قال في آية النساء المذكورة { وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } بعد ذكره إيحاءه إلى رسله . .
وقد قدمنا في أول سورة الزمر أن استقراء القرآن . قد دل على أن الله جل وعلا إذا ذكر تنزيله لكتابه أتبع ذلك بعض أسمائه الحسنى وصفاته العليا ، وذكرنا كثيراً من أمثلة ذلك . .
وقرأ هذا الحرف عامة السبعة غير ابن كثير ( يوحي ) بكسر الحاء بالبناء للفاعل ، وعلى قراءة الجمهور هذه فقوله : الله العزيز الحكيم فاعل يوحي . .
وقرأه ابن كثير ( يُوحَى إليك ) بفتح الحاء بالبناء للمفعول ، وعلى هذه القراءة ، فقوله : الله العزيز الحكيم ، فاعل فعل محذوف تقديره يوحى كما قدمنا إيضاحه في سورة النور في الكلام على قوله تعالى : { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاٌّ صَالِ رِجَالٌ } . .
وقد قدمنا معاني الوحي مع الشواهد العربية في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ } وغير ذلك من المواضع . قوله تعالى : { وَهُوَ الْعَلِىُّ العَظِيمُ } . وصف نفسه جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، بالعلو والعظمة ، وهما من الصفات الجامعة كما قدمناه في سورة الأعراف ، في الكلام على قوله تعالى : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ، من وصفه تعالى نفسه بهاتين الصفتين الجامعتين المتضمنتين لكل كمال وجلال ، جاء مثله في آيات أخر كقوله تعالى : { وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ } وقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } . وقوله تعالى { عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ } وقوله تعالى { وَلَهُ الْكِبْرِيَآءُ فِى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ } . إلى غير ذلك من الآيات .