@ 21 @ .
فيعلم مما ذكرنا : أن الهدى المثبت له صلى الله عليه وسلم ، هو الهدى العام الذي هو البيان ، والدلالة والإرشاد ، وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم فبين لمحجة البيضاء ، حتى تركها ليلها كنهارها لا يزيغ عنها هالك . .
والهدى المنفي عنه في آية : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ } هو الهدى الخاص الذي هو التفضل بالتوفيق ، لأن ذلك بيد الله وحده ، وليس بيده صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى : { وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَائِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } . وقوله تعالى : { إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ } والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة . .
وكذلك قوله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ } ، لا منافاة فيه بين عموم الناس في هذه الآية . وخصوص المتقين في قوله تعالى : { ذَالِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } لأن الهدى العام للناس هو الهدى العام ، والهدى الخاص بالمتقين ، هو الهدى الخاص كما لا يخفى . .
وقد بينا هذا في غير هذا الموضع ، والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ } . الفاء في قوله : فأخذتهم سببية ، أي فاستحبوا العمى على الهدى ، وبسبب ذلك ، أخذتهم صاعقة العذاب الهون . .
واعلم أن الله جل وعلا عبر عن الهلاك الذي به ثمود ، بعبارات مختلفة ، فذكره هنا باسم الصاعقة في قوله : { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ } وقوله : { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } . .
وعبر عنه أيضاً كالصاعقة في سورة الذاريات في قوله تعالى : { وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } . .
وعبر عنه بالصيحة في آيات من كتابه ، كقوله تعالى في سورة هود ، في إهلاكه ثمود : { وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ