@ 378 @ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ } ، والباء في قوله فأخرج به سببية كما ترى . .
وكقوله تعالى في سورة إبراهيم : { اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ } . وقوله تعالى في سورة ق : { وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ } . .
وبين في آيات أخر أن الرزق المذكور ، شامل لما يأكله الناس ، وما تأكله الأنعام ، لأن ما تأكله الأنعام ، يحصل بسببه للناس الانتفاع بلحومها ، وجلودها وألبانها ، وأصوافها وأوبارها ، وأشعارها ، كما تقدم كقوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ الْمَآءَ إِلَى الاٌّ رْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } وقوله تعالى { هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ } . .
فقوله : فيه تسيمون ، أي تتركون أنعامكم سائمة فيه تأكل منه من غير أن تتكلفوا لها مؤونة العلف كما تقدم إيضاحه بشواهده العربية ، في سورة النحل وكقوله تعالى { وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى كُلُواْ وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ } . وقوله تعالى : { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعاً لَّكُمْ وَلاًّنْعَامِكُمْ } إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى : { وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أن الناس ما يتذكر منهم ، أي ما يتعظ بهذه الآيات المشار إليها في قوله : { هُوَ الَّذِى يُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَآءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } أي من رزقه الله الإنابة إليه . .
والإنابة : الرجوع عن الكفر والمعاصي ، إلى الإيمان والطاعة . .
وهؤلاء المنيبون ، المتذكرون ، المتعظون ، هم أصحاب العقول السليمة من شوائب الاختلال ، المذكورون في قوله تعالى في أول سورة آل عمران { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ } وفي قوله تعالى في سورة إبراهيم { وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ وَاحِدٌ