@ 302 @ .
وممن قال بأن { الْصَّافَّاتِ } و { الْزّجِرَاتِ } و { الْتَّالِيَاتِ } في أول هذه السورة الكريمة هي جماعات الملائكة : ابن عباس ، وابن مسعود ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ؛ كما قاله القرطبي وابن كثير وغيرهما . وزاد ابن كثير وغيره ممن قال به : مسروقًا والسدي والربيع بن أنس ، وقد قدّمنا أنه قول أكثر أهل العلم . .
وقال بعض أهل العلم : { الصَّافَّاتِ } في الآية الطير تصفّ أجنحتها في الهواء ، واستأنس لذلك بقوله تعالى : { أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَانُ } ، وقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبّحُ لَهُ مَن فِى * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ } . .
وقال بعض العلماء : المراد ب : { الْصَّافَّاتِ } جماعات المسلمين يصفون في مساجدهم للصلاة ، ويصفون في غزوهم عند لقاء العدوّ ؛ كما قال تعالى : { تَفْعَلُونَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ } . .
وقال بعض العلماء أيضًا : المراد ب : { فَالزجِراتِ زَجْراً } ، و { مِنْهُ ذِكْراً } : جماعات العلماء العاملين يلقون آيات اللَّه على الناس ، ويزجرون عن معاص اللَّه بآياته ، ومواعظه التي أنزلها على رسله . .
وقال بعضهم : المراد ب : { فَالزجِراتِ زَجْراً } : جماعات الغزاة يزجرون الخيل لتسرع إلى الأعداء ، والقول الأول أظهر وأكثر قائلاً . ووجه توكيده تعالى قوله : { إِنَّ إِلَاهَكُمْ لَوَاحِدٌ } ، بهذه الأقسام ، وبأن اللام هو أن الكفار أنكروا كون الإلاه واحدًا إنكارًا شديدًا وتعجّبوا من ذلك تعجّبًا شديدًا ؛ كما قال تعالى عنهم : { أَجَعَلَ الاْلِهَةَ إِلَاهاً واحِداً إِنَّ هَاذَا لَشَىْء عُجَابٌ } ، ولما قال تعالى : { إِنَّ إِلَاهَكُمْ لَوَاحِدٌ } أقام الدليل على ذلك بقوله : { رَبّ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ } ، فكونه خالق السماوات والأرض الذي جعل فيها المشارق والمغارب ، برهان قاطع على أنه المعبود وحده . .
وهذا البرهان القاطع الذي أقامه هنا على أنه هو الإلاه المعبود وحده ، أقامه على ذلك أيضًا في غير هذا الموضع ؛ كقوله تعالى في سورة ( البقرة ) : { وَإِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ واحِدٌ لاَّ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ } ، فقد أقام البرهان على ذلك بقوله بعده متّصلاً به : { إِنّ