@ 144 @ مَالِكُ مُلْكُ } ، إلى غير ذلك من الآيات الدالَّة على كلامهم يوم القيامة . .
وقد بيَّنا الجواب عن هذا في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) ، في سورة ( المرسلات ) ، في الكلام على قوله تعالى : { هَاذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } ، وما ذكرنا من الآيات . فذكرنا أن من أوجه الجواب عن ذلك أن القيامة مواطن ، ففي بعضها ينطقون ، وفي بعضها لا ينطقون ، فإثبات النطق لهم ونفيه عنهم كلاهما منزل على حال ووقت غير حال الآخر ووقته . ومنها أن نطقهم المثبت لهم خاص بما لا فائدة لهم فيه ، والنطق المنفي عنهم خاص بما لهم فيه فائدة ومنها غير ذلك ، وقد ذكرنا شيئًا من أجوبة ذلك في ( الفرقان ) و ( طه ) ، و ( الإسراء ) . { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا الَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِى ذَلِكَ لاّيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } . قد قدَّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا الَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءايَتَيْنِ فَمَحَوْنَا ءايَةَ الَّيْلِ } . { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } . قد قدّمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن من أنواع البيان التي تضمّنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً ، ويكون في الآية قرينة تدلّ على بطلان ذلك القول ، وذكرنا في ترجمته أيضًا أن من أنواع البيان التي تضمّنها الاستدلال على المعنى ، بكونه هو الغالب في القرءان ؛ لأن غلبته فيه ، تدلّ على عدم خروجه من معنى الآية ، ومثلنا لجميع ذلك أمثلة متعدّدة في هذا الكتاب المبارك ، والأمران المذكوران من أنواع البيان قد اشتملت عليهما معًا آية ( النمل ) هذه . .
وإيضاح ذلك أن بعض الناس قد زعم أن قوله تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } ، يدلّ على أن الجبال الآن في دار الدنيا يحسبها رائيها جامدة ، أي : واقفة ساكنة غير متحركة ، وهي تمرّ مر السحاب ، ونحوه قول النابغة يصف جيشًا : وإيضاح ذلك أن بعض الناس قد زعم أن قوله تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } ، يدلّ على أن الجبال الآن في دار الدنيا يحسبها رائيها جامدة ، أي : واقفة ساكنة غير متحركة ، وهي تمرّ مر السحاب ، ونحوه قول النابغة يصف جيشًا : % ( بأرعن مثل الطود تحسب أنهم % وقوف لحاج والركاب تهملج ) % .
والنوعان المذكوران من أنواع البيان ، يبينان عدم صحة هذا القول .