@ 122 @ وقوله تعالى : { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا } . وقوله تعالى : { أَمَّن جَعَلَ الاٌّ رْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً } . قد أوضحنا ما تضمُّنته من البراهين على البعث في أوّل سورة ( البقرة ) ، وأوّل سورة ( النحل ) . قوله تعالى : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى السَّمَاواتِ والاٌّ رْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( الأنعام ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ } ، وفي مواضع أُخر . قوله تعالى : { بَلِ ادَارَكَ عِلْمُهُمْ فِى الاٌّ خِرَةِ بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ } . أظهر أقوال أهل العلم عندي في هذه الآية الكريمة أن المعنى : { بَلِ ادرَكَ عِلْمُهُمْ } ، أي : تكامل علمهم في الآخرة حين يعاينونها ، أي : يعلمون في الآخرة علمًا كاملاً ، ما كانوا يجهلونه في الدنيا ، وقوله : { بَلْ هُمْ فِى شَكّ مّنْهَا بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ } ، أي : في دار الدنيا ، فهذا الذي كانوا يشكّون فيه في دار الدنيا ، ويعمون عنه مما جاءتهم به الرسل ، يعلمونه في الآخرة علمًا كاملاً لا يخالجه شكّ ، عند معاينتهم لما كانوا ينكرونه منه البعث والجزاء . .
وإنما اخترنا هذا القول دون غيره من أقوال المفسّرين في الآية ، لأن القرءان دلَّ عليه دلالة واضحة في آيات متعدّدة ؛ كقوله تعالى : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَاكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ } ، فقوله : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } ، بمعنى : ما أسمعهم وما أبصرهم للحق الذي كانوا ينكرونه يوم يأتوننا ، أي : يوم القيامة ، وهذا يوضح معنى قوله : { بَلِ ادرَكَ عِلْمُهُمْ فِى الاْخِرَةِ } ، أي : تكامل علمهم فيها لمبالغتهم في سمع الحق وإبصاره في ذلك الوقت ، وقوله : { لَاكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ } ، يوضح معنى قوله : { بَلْ هُمْ فِى شَكّ مّنْهَا بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ } ، لأن ضلالهم المبيّن اليوم ، أي : في دار الدنيا ، هو شكّهم في الآخرة ، وعماهم