@ 119 @ قَالُواْ وَاللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } ، أي : لم تكن حجتهم ، كما قاله غير واحد ، والعلم عند اللَّه تعالى . قوله تعالى : { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } . قد دلَّت هذه الآية الكريمة على أن نبيّ اللَّه صالحًا عليه وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام نفعه اللَّه بنصرة وليّه ، أي : أوليائه ؛ لأنه مضاف إلى معرفة ، ووجه نصرتهم له : أن التسعة المذكورين في قوله تعالى : { وَكَانَ فِى الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِى الاْرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ * قَالُواْ تَقَاسَمُواْ } ، أي : تحالفوا باللَّه ، { لَنُبَيّتَنَّهُ } ، أي : لنباغتنه بياتًا ، أي : ليلاً فنقتله ونقتل أهله معه ، { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيّهِ } ، أي : أوليائه وعصبته ، { مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ } ، أي : ولا مهلكه هو ، وهذا يدلّ على أنهم لا يقدرون أن يقتلوه علنًا ، لنصرة أوليائه له ، وإنكارهم شهود مهلك أهله دليل على خوفهم من أوليائه ، والظاهر أن هذه النصرة عصبية نسبية لا تمتّ إلى الدين بصلة ، وأن أولياءه ليسوا مسلمين . .
وقد قدّمنا الآيات الموضحة لهذا المعنى في سورة ( هود ) ، في الكلام على قوله تعالى : { قَالُواْ يأَبَانَا * شُعَيْبٌ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ } ، وفي سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { إِنَّ هَاذَا الْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ } . وقوله تعالى في هذه الآية : { تَقَاسَمُواْ } ، التحقيق أنه فعل أمر محكي بالقول . وأجاز الزمخشري ، وابن عطية أن يكون ماضيًا في موضع الحال ، والأوّل هو الصواب إن شاء اللَّه ، ونسبه أبو حيان للجمهور ، وقوله في هذه الآية : { وِإِنَّا لَصَادِقُونَ } ، التحقيق فيه أنهم كاذبون في قولهم : { وِإِنَّا لَصَادِقُونَ } ، كما لا يخفى ، وبه تعلم أن ما تكلفه الزمخشري في ( الكشاف ) ، من كونهم صادقين لا وجه له ، كما نبّه عليه أبو حيان وأوضحه ، وقرأ عامة السبعة غير حمزة والكسائي { لَنُبَيّتَنَّهُ } بالنون المضمومة بعد اللام ، وفتح الفوقية المثناة التي بعد التحتية المثناة ، وقرأ حمزة والكسائي : { لَنُبَيّتَنَّهُ } بالتاء الفوقية المضمومة بعد اللام ، وضمّ التاء الفوقية التي بعد الياء التحتية ، وقرأ عامة السبعة أيضاً غير حمزة والكسائي : { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ } ، بالنون المفتوحة موضع التاء ، وفتح اللام الثانية ، وقرأ حمزة والكسائي : { ثُمَّ } ، بفتح التاء الفوقية