@ 117 @ { قَالَ ياقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( الرعد ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ } . { قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } . قوله : { اطَّيَّرْنَا بِكَ } ، أي : تشاءمنا بك ، وكان قوم صالح إذا نزل بهم قحط أو بلاء أو مصائب ، قالوا : ما حاءنا هذا إلا من شؤم صالح ، ومن آمن به . والتطيّر : التشاؤم ، وأصل اشتقاقه من التشاؤم بزجر الطير . .
وقد بيَّنا كيفية التشاؤم والتيامن بالطير في سورة ( الأنعام ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ } ، وقوله تعالى : { قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ } ، قال بعض أهل العلم : أي سببكم الذي يجيء منه خيركم وشرّكم عند اللَّه ، فالشر الذي أصابكم بذنوبكم لا بشؤم صالح ، ومن آمن به من قومه . .
وقد قدّمنا معنى طائر الإنسان في سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَئِرَهُ فِى عُنُقِهِ } ، وما دلّت عليه هذه الآية الكريمة من تشاؤم الكفار بصالح ومن معه من المؤمنين ، جاء مثله موضحًا في آيات أُخر من كتاب اللَّه ؛ كقوله تعالى في تشاؤم فرعون وقومه بموسى : { فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَاذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَاكِنَّ } ، وقوله تعالى في تطيّر كفار قريش بنبيّنا صلى الله عليه وسلم : { وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَاذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَقُولُواْ هَاذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ } ، والحسنة في الآيتين : النعمة كالرزق والخصب والعافية ، والسيّئة : المصيبة بالجدب والقحط ، ونقص الأموال ، والأنفس ، والثمرات ؛ وكقوله تعالى : { قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ } ، أي : بليتكم جاءتكم من ذنوبكم وكفركم . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } ، قال بعض العلماء :