@ 108 @ { وَسَيَعْلَمْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } . المنقلب هنا المرجع والمصير ، والأظهر أنه هنا مصدر ميمي ، وقد تقرّر في فن الصرف أن الفعل إذا زاد على ثلاثة أحرف كان كل من مصدره الميمي ، واسم مكانه ، واسم زمانه على صيغة اسم المفعول . .
والمعنى : { وَسَيَعْلَمْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ } أيّ مرجع يرجعون ، وأيّ مصير يصيرون ، وما دلّت عليه هذه الآية الكريمة ، من أن الظالمين سيعلمون يوم القيامة المرجع الذي يرجعون ، أي : يعلمون العاقبة السيّئة التي هي مآلهم ، ومصيرهم ومرجعهم ، جاء في آيات كثيرة ؛ كقوله تعالى : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ } ، وقوله تعالى : { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } ، وقوله تعالى : { وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ } ، والآيات بمثل ذلك كثيرة جدًا . .
وقوله : { أَىَّ مُنقَلَبٍ } ، ما ناب عن المطلق من قوله : { يَنقَلِبُونَ } ، وليس مفعولاً به ، لقوله : { وَسَيَعْلَمْ } ، قال القرطبي : و { أَيُّ } منصوب { يَنقَلِبُونَ } ، وهو بمعنى المصدر ، ولا يجوز أن يكون منصوبًا ب { سَيَعْلَمُ } ، لأن أيًا وسائر أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها فيما ذكره النحويون ، قال النحاس : وحقيقة القول في ذلك أن الاستفهام معنى وما قبله معنى آخر ، فلو عمل فيه ما قبله لدخل بعض المعاني في بعض ، انتهى منه . والعلم عند اللَّه تعالى .