@ 101 @ { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( المائدة ) ، في الكلام على قوله تعالى : { فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ } ، وفي ( الحجر ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } ، وقد وعدنا في سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً } ، بأنا نوضح معنى خفض الجناح ، وإضافته إلى الذل في سورة ( الشعراء ) ، في هذا الموضع ، وهذا وفاؤنا بذلك الوعد ، ويكفينا في الوفاء به أن ننقل كلامنا في رسالتنا المسمّاة : ( منع جواز المجاز في المنزل للتعبّد والإعجاز ) . .
فقد قلنا فيها ، ما نصّه : والجواب عن قوله تعالى : { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلّ } ، أن الجناح هنا مستعمل في حقيقته ؛ لأن الجناح يطلق لغة حقيقة على يدّ الإنسان وعضده وإبطه . قال تعالى : { وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ } ، والخفض مستعمل في معناه الحقيقي ، الذي هو ضدّ الرفع ؛ لأن مريد البطش يرفع جناحيه ، ومظهر الذل والتواضع يخفض جناحيه ، فالأمر بخفض الجناح للوالدين كناية عن لين الجانب لهما ، والتواضع لهما ؛ كما قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم : { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، وإطلاق العرب خفض الجناح كناية عن التواضع ، ولين الجانب أسلوب معروف ، ومنه قول الشاعروإطلاق العرب خفض الجناح كناية عن التواضع ، ولين الجانب أسلوب معروف ، ومنه قول الشاعر % ( وأنت الشهير بخفض الجنا % ح فلا تكُ في رفعه أجدلا ) % .
وأما إضافة الجناح إلى الذلّ ، فلا تستلزم المجاز كما يظنّه كثير ؛ لأن الإضافة فيه كالإضافة في قولك : حاتم الجود . .
فيكون المعنى : واخفض لهما الجناح الذليل من الرحمة ، أو الذلول على قراءة الذل بالكسر ، وما يذكر عن أبي تمام من أنه لما قال : فيكون المعنى : واخفض لهما الجناح الذليل من الرحمة ، أو الذلول على قراءة الذل بالكسر ، وما يذكر عن أبي تمام من أنه لما قال : % ( لا تسقني ماء الملام فإنني % صب قد استعذبت ماء بكائي ) % .
جاءه رجل فقال له : صب لي في هذا الإناء شيئًا من ماء الملام ، فقال له : إن أتيتني