@ 95 @ وَإِنّى كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُواْ أَصَابِعَهُمْ فِىءاذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَاسْتَكْبَرُواْ اسْتِكْبَاراً } ، وقوله هنا : { فَافْتَحْ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً } ، أي : احكم بيني وبينهم حكمًا ، وهذا الحكم الذي سأل ربّه إيّاه هو إهلاك الكفّار ، وإنجاؤه هو ومن آمن معه ، كما أوضحه تعالى في آيات أُخر ؛ كقوله تعالى : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ } ، وقوله تعالى : { وَقَالَ نُوحٌ رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الاْرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً } ، إلى غير ذلك من الآيات . وقوله هنا عن نوح : { وَنَجّنِى وَمَن مَّعِى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، قد بيَّن في آيات كثيرة أنه أجاب دعاءه هذا ؛ كقوله هنا : { فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } ، وقوله تعالى : { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ السَّفِينَةِ } ، وقوله تعالى : { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ } ، والآيات بمثل ذلك كثيرة . .
وقوله هنا : { ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ } ، جاء موضحًا في آيات كثيرة ؛ كقوله تعالى : { فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } ، وقوله تعالى : { وَلاَ تُخَاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } ، إلى غير ذلك من الآيات . .
و { الْمَشْحُونِ } المملوء ، ومنه قول عبيد بن الأبرص : و { الْمَشْحُونِ } المملوء ، ومنه قول عبيد بن الأبرص : % ( شحنا أرضهم بالخيل حتى % تركناهم أذلّ من الصّراط ) % .
والفلك : يطلق على الواحد والجمع ، فإن أطلق على الواحد جاز تذكيره ؛ كقوله هنا : { فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } ، وإن جمع أنّث ، والمراد بالفلك هنا السفينة ؛ كما صرّح تعالى بذلك في قوله : { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ السَّفِينَةِ } . { كَذَّبَ أَصْحَابُ لْأيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ } . قال أكثر أهل العلم : إن أصحاب الأيكة هم مدين . قال ابن كثير : وهو الصحيح ، وعليه فتكون هذه الآية بيّنتها الآيات الموضحة قصّة شعيب مع مدين ، ومما استدلّ به أهل هذا القول ، أنّه قال هنا لأصحاب الأيكة : { أَوْفُواْ الْكَيْلَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُواْ بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الاْرْضِ مُفْسِدِينَ } ، وهذا الكلام ذكر اللَّه عنه أنه قاله لمدين في مواضع متعدّدة ؛ كقوله في ( هود ) : { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ قَوْمٌ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَاهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ