@ 90 @ وقوله تعالى : { فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا الاْخْرَى } ، فقوله : { أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا } ، أي : تذهب عن علم حقيقة المشهود به بدليل قوله بعده : { فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا الاْخْرَى } ، وقوله تعالى عن أولاد يعقوب : { إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلالٍ مُّبِينٍ } ، وقوله : { قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ } ، على التحقيق في ذلك كلّه . ومن هذا المعنى قول الشاعر : وقوله : { قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ } ، على التحقيق في ذلك كلّه . ومن هذا المعنى قول الشاعر : % ( وتظنّ سلمى أنني أبغي بها % بدلاً أراها في الضلال تهيم ) % .
والإطلاق الثاني : وهو المشهور في اللغة ، وفي القرءان هو إطلاق الضلال على الذهاب عن طريق الإيمان إلى الكفر ، وعن طريق الحقّ إلى الباطل ، وعن طريق الجنّة إلى النار ، ومنه قوله تعالى : { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالّينَ } . .
والإطلاق الثالث : هو إطلاق الضلال على الغيبوبة والاضمحلال ، تقول العرب : ضلّ الشىء إذا غاب واضمحلّ ، ومنه قولهم : ضلّ السمن في الطعام ، إذا غاب فيه واضمحلّ ، ولأجل هذا سمّت العرب الدفن في القبر إضلالاً ؛ لأن المدفون تأكله الأرض فيغيب فيها ويضمحلّ . .
ومن هذا المعنى قوله تعالى : { وَقَالُواْ أَءذَا ضَلَلْنَا فِى الاْرْضِ } ، يعنون : إذا دفنوا وأكلتهم الأرض ، فضلوا فيها ، أي : غابوا فيها واضمحلّوا . .
ومن إطلاقهم الإضلال على الدفن ، قول نابغة ذبيان يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني : ومن إطلاقهم الإضلال على الدفن ، قول نابغة ذبيان يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني : % ( فإن تحيي لا أملك حياتي وأن تمت % فما في حياة بعد موتك طائل ) % % ( فآب مضلّوه بعين جلية % وغودر بالجولان حزم ونائل ) % .
وقول المخبل السعدي يرثي قيس بن عاصم : وقول المخبل السعدي يرثي قيس بن عاصم : % ( أضلّت بنو قيس بن سعد عميدها % وفارسها في الدهر قيس بن عاصم ) % .
فقول الذبياني : فآب مضلّوه ، يعني : فرجع دافنوه ، وقول السعدي : أضلّت ، أي : دفنت ، ومن إطلاق الضلال أيضًا على الغيبة والاضمحلال قول الأخطل