@ 79 @ الشركات وأسمائها ، وبيّنا ما يجوز منها وما لا يجوز في سورة ( الكهف ) ، في الكلام على قوله تعالى : { فَابْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَاذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ } . .
ولا شكّ أنه يلزم المسلمين في أقطار الدنيا التعاون على اقتصاد يجيزه خالق السماوات والأرض ، على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويكون كفيلاً بمعرفة طرق تحصيل المال بالأوجه الشرعية ، وصرفه في مصارفه المنتجة الجائزة شرعًا ؛ لأن الاقتصاد الموجود الآن في أقطار الدنيا لا يبيحه الشرع الكريم ، لأن الذين نظموا طرقه ليسوا بمسلمين ، فمعاملات البنوك والشركات لا تجد شيئًا منها يجوز شرعًا ، لأنها إما مشتملة على زيادات ربوية ، أو على غرر ، لا تجوز معه المعاملة كأنواع التأمين المتعارفة عند الشركات اليوم في أقطار الدنيا ، فإنك لا تكاد تجد شيئًا منها سالمًا من الغرر ، وتحريم بيع الغرر ثابت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ومن المعلوم أن من يدّعي إباحة أنواع التأمين المعروفة عند الشركات ، من المعاصرين أنه مخطىء في ذلك ، ولأنه لا دليل معه بل الأدلّة الصحيحة على خلاف ما يقول ، والعلم عند اللَّه تعالى . { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً } . أي : إذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به مروا معرضين عنهم كرامًا مكرّمين أنفسهم عن الخوض معهم في لغوهم ، وهو كل كلام لا خير فيه ، كما تقدّم . .
وهذا المعنى الذي دلّت عليه هذه الآية الكريمة ، أوضحه جلَّ وعلا بقوله : { وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى الْجَاهِلِينَ } ، وقد قدّمنا الآيات الدالَّة على معاملة عباد الرحمان للجاهلين ، في سورة ( مريم ) ، في الكلام على قوله تعالى : { قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي } . { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِأايَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } . قال الزمخشري : لم يخرّوا عليها ليس بنفي للخرور ، وإنما هو إثبات له ، ونفي للصمم والعمى ؛ كما تقول : لا يلقاني زيد مسلِّمًا ، وهو نفي للسلام لا للقاء . .
والمعنى : أنهم إذا ذكِّروا به أكّبوا عليها ، حرصًا على استماعها وأقبلوا على المذكِّر