@ 73 @ .
ولا شكّ أن الذين يحاولون الصعود إلى القمر بآلاتهم ويزعمون أنهم نزلوا على سطحه سينتهي أمرهم إلى ظهور حقارتهم ، وضعفهم ، وعجزهم ، وذلّهم أمام قدرة خالق السماوات والأرض جلَّ وعلا . .
وقد قدّمنا في سورة ( الحجر ) ، أن ذلك يدلّ عليه قوله تعالى : { أَمْ لَهُم مٌّ لْكُ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيَنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ * فِى الاْسْبَابُ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مّن الاْحَزَابِ } . .
فإن قيل : الآيات التي استدللت بها على أن القمر في السماء المحفوظة فيها احتمال على أسلوب عربي معروف ، يقتضي عدم دلالتها على ما ذكرت ، وهو عود الضمير إلى اللفظ وحده ، دون المعنى . .
وإيضاحه أن يقال في قوله : { جَعَلَ فِى السَّمَاء بُرُوجاً } ، هي السماء المحفوظة ، ولكن الضمير في قوله : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً } ، راجع إلى مطلق لفظ السماء الصادق بمطلق ما علاك في اللغة ، وهذا أسلوب عربي معروف وهو المعبّر عنه عند علماء العربية ، بمسألة : عندي درهم ونصفه ، أي : نصف درهم آخر ، ومنه قوله تعالى : { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِى كِتَابٍ } ، أي : ولا ينقص من عمر معمر آخر . .
قلنا : نعم هذا محتمل ، ولكنه لم يقم عليه عندنا دليل يجب الرجوع إليه ، والعدول عن ظاهر القرءان العظيم لا يجوز إلا لدليل يجب الرجوع إليه ، وظاهر القرءان أولى بالاتّباع والتصديق من أقوال الكفرة ومقلّديهم ، والعلم عند اللَّه تعالى . { وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الاٌّ رْضِ هَوْناً } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَلاَ تَمْشِ فِى الاْرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الاْرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً } . { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( مريم ) ، في الكلام على قوله تعالى : { قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي } .