@ 14 @ وما ذكره جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة من أن الكفّار كذّبوه وادّعوا عليه أن القرءان كذب اختلقه ، وأنه أعانه على ذلك قوم آخرون جاء مبيّنًا في آيات أُخر ؛ كقوله تعالى : { وَعَجِبُواْ أَن جَاءهُم مٌّ نذِرٌ مّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَاذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } ، وقوله تعالى : { وَإِذَا بَدَّلْنَآ ءايَةً مَّكَانَ ءايَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ، وقوله تعالى : { بَلْ كَذَّبُواْ بِالْحَقّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ } ، وقوله تعالى : { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ } ، والآيات في ذلك كثيرة معلومة . .
وما ذكره جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة من أنهم افتروا على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، أنه أعانه على افتراء القرءان قوم آخرون جاء أيضًا موضحًا في آيات أُخر ؛ كقوله تعالى : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلّمُهُ بَشَرٌ } ، وقوله تعالى : { فَقَالَ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } ، أي : يرويه محمّد صلى الله عليه وسلم عن غيره { إِنْ هَاذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ } ، وقوله تعالى : { وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ } ، كما تقدّم إيضاحه في ( الأنعام ) ، وقد كذّبهم اللَّه جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة فيما افتروا عليه من البهتان بقوله : { فَقَدْ جَاءوا ظُلْماً وَزُوراً } ، قال الزمخشري : ظلمهم أن جعلوا العربي يتلقن من الأعجمي الرومي كلامًا عربيًّا أعجز بفصاحته جميع فصحاء العرب ، والزور هو أن بهتوه بنسبة ما هو بريء منه إليه ، انتهى . وتكذيبه جلَّ وعلا لهم في هذه الآية الكريمة ، جاء موضحًا في مواضع أُخر من كتاب اللَّه ؛ كقوله تعالى : { لّسَانُ الَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ وَهَاذَا لِسَانٌ عَرَبِىٌّ مُّبِينٌ } ، كما تقدّم إيضاحه في سورة ( النحل ) ، وقوله : { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ } ، وقوله تعالى : { فَقَالَ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَاذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } ، لأن قوله : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } بعد ذكر افترائه على القرءان العظيم يدلّ على عظم افترائه وأنه سيصلى بسببه عذاب سقر ، أعاذنا اللَّه وإخواننا المسلمين منها ، ومن كل ما قرب إليها من قول وعمل . .
واعلم : أن العرب تستعمل جاء وأتى بمعنى : فعل ، فقوله : { فَقَدْ جَاءوا ظُلْماً } ، أي : فعلوه ، وقيل : بتقدير الباء ، أي : جاءوا بظلم ، ومن إتيان أتى بمعنى فعل قوله تعالى : { لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْاْ } ، أي : بما فعلوه . وقول زهير بن أبي سلمى