@ 557 @ .
أحدهما : أن المصدر الذي هو : { دُعَاء } مضاف إلى مفعوله ، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالرسول مدعو . .
الثاني : أن المصدر المذكور مضاف إلى فاعله ، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا : فالرسول داع . .
وإيضاح معنى قول من قال : إن المصدر مضاف إلى مفعوله ، أن المعنى : لا تجعلوا دعاءكم إلى الرسول إذا دعوتموه كدعاء بعضكم بعضًا ، فلا تقولوا له : يا محمّد مصرّحين باسمه ، ولا ترفعوا أصواتكم عنده كما يفعل بعضكم مع بعض ، بل قولوا له : يا نبيّ اللَّه ، يا رسول اللَّه ، مع خفض الصوت احترامًا له صلى الله عليه وسلم . .
وهذا القول هو الذي تشهد له آيات من كتاب اللَّه تعالى ؛ كقوله : { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ } ، وقوله تعالى : { إَنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } ، وقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقُولُواْ راعِنَا } ، وهذا القول في الآية مرويّ عن سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ؛ كما ذكره عنهم القرطبي ، وذكره ابن كثير عن الضحاك ، عن ابن عباس ، وذكره أيضًا عن سعيد بن جبير ، ومجاهد ، ومقاتل ، ونقله أيضًا عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، ثم قال : إن هذا القول هو الظاهر ، واستدلّ له بالآيات التي ذكرنا . .
وأمّا على القول الثاني : وهو أن المصدر مضاف إلى فاعله ، ففي المعنى وجهان : .
الأول : ما ذكره الزمخشري في ( الكشاف ) ، قال : إذا احتاج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى اجتماعكم عنده لأمر فدعاكم فلا تتفرّقوا عنه إلا بإذنه ، ولا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضًا ، ورجوعكم عن المجمع بغير إذن الداعي . .
والوجه الثاني : هو ما ذكره ابن كثير في تفسيره ، قال : والقول الثاني في ذلك أن المعنى في { لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُمْ بَعْضاً } ، أي : لا تعتقدوا أن دعاءه على غيره كدعاء غيره ، فإن دعاءه مستجاب ، فاحذروا أن يدعو عليكم ، فتهلكوا .