@ 531 @ تعالى : { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } ، وهذا الوعد منه جلّ وعلا وعد به من اتّقاه في قوله تعالى : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } ، ووعد بالرزق أيضًا من يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها ، وذلك في قوله : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلواةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } ، وقد وعد المستغفرين بالرزق الكثير على لسان نبيّه نوح في قوله تعالى عنه : { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } ، وعلى لسان نبيّه هود في قوله تعالى عنه : { تَعْقِلُونَ وَياقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ } ، وعلى لسان نبيّنا صلّى اللَّه عليه وعليهما جميعًا وسلّم : { وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } . .
ومن الآيات الدالّة على أن طاعة اللَّه تعالى سبب للرزق ، قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىءامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مّنَ السَّمَاء وَالاْرْضِ } ، ومن بركات السماء المطر ، ومن بركات الأرض النبات مما يأكل الناس والأنعام . وقوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رَّبّهِمْ لاَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } ، وقوله تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَواةً طَيّبَةً } ، أي : في الدنيا ؛ كما قدمنا إيضاحه في سورة ( النحل ) ، وكما يدلّ عليه قوله بعده في جزائه في الآخرة : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، وقد قدّمنا أنه جلَّ وعلا وعد بالغنى عند التزويج وعند الطلاق . .
أمّا التزويج ، ففي قوله هنا : { إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } . .
وأمّا الطلاق ففي قوله تعالى : { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مّن سَعَتِهِ } ، والظاهر أن المتزوّج الذي وعده اللَّه بالغنى ، هو الذي يريد بتزويجه الإعانة على طاعة اللَّه بغضّ البصر ، وحفظ الفرج ؛ كما بيّنه النبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج ) الحديث ، وإذا كان قصده بالتزويج طاعة اللَّه بغضّ البصر وحفظ الفرج ، فالوعد بالغنى إنما هو على طاعة اللَّه بذلك .