@ 371 @ وكالعمل بما تضمّنته من الأحكام الشرعيّة ، والقراءة بها في الصّلاة ، ونحو ذلك من الأحكام . وإذا أراد اللَّه أن ينسخها بحكمته فتارة ينسخ جميع أحكامها من تلاوة ، وتعبّد ، وعمل بما فيها من الأحكام كآية عشر رضعات معلومات يحرمن ، وتارة ينسخ بعض أحكامها دون بعض ، كنسخ حكم تلاوتها ، والتعبّد بها مع بقاء ما تضمّنته من الأحكام الشرعيّة ، وكنسخ حكمها دون تلاوتها ، والتعبّد بها كما هو غالب ما في القرءان من النسخ . .
وقد أوضحنا جميع ذلك بأمثلته في سورة ( النحل ) في الكلام على قوله تعالى : { وَإِذَا بَدَّلْنَآ ءايَةً مَّكَانَ ءايَةٍ } ، وله الحكمة البالغة في جميع ما يفعله من ذلك . .
فآية الرجم المقصود منها إثبات حكمها ، لا التعبّد بها ، ولا تلاوتها ، فأنزلت وقرأها الناس ، وفهموا منها حكم الرجم ، فلمّا تقرّر ذلك في نفوسهم نسخ اللَّه تلاوتها ، والتعبّد بها ، وأبقى حكمها الذي هو المقصود ، واللَّه جلَّ وعلا أعلم . .
فالرجم ثابت في القرءان ، وما سيأتي عن عليّ رضي اللَّه عنه أنّه قال : جلدتها بكتاب اللَّه ، ورجمتها بسنّة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، لا ينافي ذلك ؛ لأنَّ السنّة هي التي بيّنت أن حكم آية الرجم باقٍ بعد نسخ تلاوتها فصار حكمها من هذه الجهة ، فإنَّه ثابت بالسنّة ، واللَّه تعالى أعلم . .
وقال مسلم بن الحجاج رحمه اللَّه في صحيحه : حدّثني أبو الطاهر ، وحرملة بن يحيى قالا : حدّثنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة : أنه سمع عبد اللَّه بن عباس يقول : قال عمر بن الخطّاب ، وهو جالس على منبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : إن اللَّه قد بعث محمّدًا صلى الله عليه وسلم بالحقّ ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها ، فرجم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان ، أن يقول قائل : ما نجد الرجم في كتاب اللَّه ، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها اللَّه ، وإن الرجم في كتاب اللَّه حقّ على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء ، إذا قامت البيّنة ، أو كان الحبل ، أو الاعتراف ، اه منه . .
فهذا الحديث الذي اتّفق عليه الشيخان ، عن هذا الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه ، دليل صريح صحيح على أن الرجم ثابت بآية من كتاب اللَّه ،
