@ 341 @ البقرة في قوله { كَذَالِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ } فهذه الآيات تدل على أن سبب تشابه مقالاتهم لرسلهم ، هو تشابه قلوبهم في الكفر والطغيان ، وكراهية الحق وقوله : { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } ذكر نحو معناه في قوله تعالى : { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } وقوله تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمُنْكَرَ } ، وذلك المنكر الذي تعرفه في وجوههم ، إنما هو لشدة كراهيتهم للحق ، ومن الآيات الموضحة لكراهيتهم للحق . أنهم يمتنعون من سماعه ، ويستعملون الوسائل التي تمنعهم من أن يسمعوه ، كمال قال تعالى في قصة أول الرسل الذين أرسلهم بتوحيده والنهي عن الإشراك به ، وهو نوح : { وَإِنِّى كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُواْ أَصَابِعَهُمْ فِىءَاذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَاسْتَكْبَرُواْ اسْتِكْبَاراً } وإنما جعلوا أصابعهم في آذانهم ، واستغشوا ثيابهم خوف أن يسمعوا ما يقوله لهم نبيهم نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، من الحق ، والدعوة إليه . وقال تعالى في أمة آخر الأنبياء صلى الله عليه وسلم { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَاذَا الْقُرْءَانِ وَالْغَوْاْ فِيهِ } . فترى بعضهم ينهى بعضاً عن سماعه ، ويأمرهم باللغو فيه ، كالصياح والتصفيق المانع من السماع لكراهتهم للحق ، ومحاولتهم أن يغلبوا الحق بالباطل . .
وهذه الآية الكريمة سؤال معروف وهو أن يقال : قوله : { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } يفهم من مفهوم مخالفته ، أن قليلاً من الكفار ، ليسوا كارهين للحق . وهذا السؤال وارد أيضاً على آية الزخرف التي ذكرنا آنفاً ، وهي قوله تعالى : { وَلَاكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } . .
والجواب عن هذا السؤال : هو ما أجاب به بعض أهل العلم بأن قليلاً من الكفار . كانوا لا يكرهون الحق ، وسبب امتناعهم عن الإيمان بالله ورسوله ليس هو كراهيتهم للحق ، ولكن سببه الأنفة والاستنكاف من توبيخ قومهم ، وأن يقولوا صبأوا وفارقوا دين آبائهم ، ومن أمثلة من وقع له هذا أبو طالب فإنه لا يكره الحق ، الذي جاء به النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كان يشد عضده في تبليغه رسالته كما قدمنا في شعره في قوله : * اصدع بأمرك ما عليك غضاضة * .
الأبيات وقال فيها ،