@ 340 @ بإحدى الهمزتين المذكورتين ، هي المعروفة عندهم بأم المتصلة ، والتي لم تسبق بواحدة منهما هي المعروفة بالمنقطعة كما هنا . وأم المنقطعة تأتي لثلاثة معان . .
الأول : أن تكون بمعنى : بل الإضرابية . .
الثاني : أن تكون بمعنى همزة استفهام الإنكار . .
الثالث : أن تكون بمعناهما معاً فتكون جامعة بين الإضراب والإنكار ، وهذا الأخير هو الأكثر في معناها ، خلافاً لابن مالك في الخلاصة في اقتصاره على أنها بمعنى : بل في قوله : الثالث : أن تكون بمعناهما معاً فتكون جامعة بين الإضراب والإنكار ، وهذا الأخير هو الأكثر في معناها ، خلافاً لابن مالك في الخلاصة في اقتصاره على أنها بمعنى : بل في قوله : % ( وبانقطاع وبمعنى بل وفت % إن تك مما قيدت به خلت ) % .
ومراده بخلوها مما قيدت به : ألا تسبقها إحدى الهمزتين المذكورتين ، فإن سبقتها إحداهما ، فهي المتصلة كما تقدم قريباً ، وعلى ما ذكرنا فيكون المعنى متضمناً للاضراب عما قبله إضراباً انتقالياً ، مع معنى استفهام الإنكار ، فتضمن الآية الإنكار على الكفار في دعواهم : أن نبينا صلى الله عليه وسلم به جنة : أي جنون يعنون : أن هذا الحق الذي جاءهم به هذيان مجنون ، قبحهم الله ما أجحدهم للحق ، وما أكفرهم ودعواهم عليه هذه أنه مجنون كذبها الله هنا بقوله : { بَلْ جَآءَهُمْ بِالْحَقِّ } فالإضراب ببل إبطالي . .
والمعنى : ليس بمجنون بل هو رسول كريم جاءكم بالحق الواضح ، المؤيد بالمعجرات الذي يعرف كل عاقل ، أنه حق ، ولكن عاندتم وكفرتم لشدة كراهيتكم للحق ، وما نفته هذه الآية الكريمة من دعواهم عليه الجنون صرح الله بنفيه في مواضع أخر كقوله تعالى : { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } وقوله تعالى : { فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ } وهذا الجنون الذي افترى على آخر الأنبياء ، افترى أيضاً على أولهم ، كما تعالى في هذه السورة الكريمة عن قوم نوح أنهم قالوا فيه { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّى حِينٍ } وقد بين في موضع آخر أن الله لم يرسل رسولاً إلا قال قومه : إنه ساحر ، أو مجنون ، كأنهم اجتمعوا فتواصوا على ذلك لتواطىء أقوالهم لرسلهم عليه ، وذلك في قوله تعالى : { كَذَلِكَ مَآ أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } فبين أن سبب تواطئهم على ذلك ليس التواصي به ، لاختلاف أزمنتهم ، وأمكنتهم . ولكن الذي جمعهم على ذلك مشابهة بعضهم لبعض في الطغيان ، وقد أوضح هذا المعنى في سورة