@ 337 @ الخط ، كما روي عن عائشة أنها قالت : ما بين دفتي المصحف كلام الله ، والله تعالى أعلم . .
قوله تعالى : { حَتَّى إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأرُونَ * لاَ تَجْأرُواْ الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ } . حتى هنا في هذه الآية التي يبتدأ بعدها الكلام ، والكلام الجملة الشرطية ، والعذاب الذي أخذهم ربهم به ، قيل : هو عذاب يوم بدر بالقتل والأسر ، وقيل : الجوع والقحط الشديد الذي أصابهم ، لما دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ) فأصابهم بسبب دعوته صلى الله عليه وسلم من الجوع الشديد ، عذاب أليم ، وأظهرها عندي أنه أخذهم بالعذاب يوم القيامة . وقد بين تعالى في هاتين الآيتين أنه أخذ مترفيهم بالعذاب ، والمترفون هم أصحاب النعمة والرفاهية في دار الدنيا . وهذا المعنى أشار له بقوله : { وَذَرْنِى وَالْمُكَذِّبِينَ أُوْلِى النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً * إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً } فقوله : أولي النعمة يريد بهم : المترفين في الدنيا ، وبين أنه سيعذبهم بعد التهديد بقوله : { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } وقوله : يجأرون ، الجؤار : الصراخ باستغاثة ، والعرب تقول : جأر الثور يجأر : صاح ، فالجؤار كالخوار وفي بعض القراءات عجلاً جسداً له جؤار بالجيم والهمزة : أي خوار ، وجأر الرجل إلى الله : تضرع بالدعاء . .
فمعنى الآية الكريمة : أن المنعمين في الدنيا من الكفار ، إذا أخذهم الله بالعذاب يوم القيامة ، صاحوا مستصرخين مستغيثين ، يطلبون الخلاص مما هم فيه ، وصراخهم واستغاثتهم المشار له هنا ، جاء في آيات أخر كقوله تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ } فقوله : يصطرخون : يفتعلون من الصراخ ، مستغيثين يريدون الخروج مما هم فيه ، بدليل قوله تعالى عنهم { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ } فهذا الصراخ المذكور في هذه الآية العام للمترفين وغيرهم ، هو الجؤار المذكور عن المترفين هنا ، ومن إطلاق العرب الجؤار على الصراخ والدعاء للاستغاثة قول الأعشى