@ 336 @ فن الأصول في مبحث الأمر وفي فن المعاني في مبحث الإنشاء ، أن من المعاني التي تأتي لها صيغة أفعل التهديد وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة ، من تهديد الكفار الذين كذبوا نبينا صلى الله عليه وسلم ، جاء موضحاً في مواضع أخر . كقوله { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الاٌّ مَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } وقوله تعالى : { فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } وقوله : { قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ } وقوله : { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ } . .
وقد أوضحنا الآيات الدالة على هذا المعنى في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى : { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الاٌّ مَلُ } ، وتكلمنا هناك على لفظ ذرهم . .
قوله تعالى : { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِى الْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } . قد أوضحنا الكلام على الآيات الموضحة لهاتين الآيتين في سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى : { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّى لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } فأغنى ذلك عن إعادته هنا . .
قوله تعالى : { وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } . ما تضمنته هذه الآية من التخفيف في هذه الحنيفية السمحة ، التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم قد ذكرنا طرفاً من الآيات الدالة عليه في سورة الحج في الكلام على قوله تعالى : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } فأغنى ذلك عن إعادته هنا . .
قوله تعالى : { وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } . الحق أن المراد بهذا الكتاب : كتاب الأعمال الذي يحصيها الله فيه ، كما يدل عليه قوله تعالى { هَاذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّ كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا المعنى في الكهف ، في الكلام على قوله : { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ } ، وفي سورة الإسراء في الكلام على قوله : { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } . .
والظاهر أن معنى نطق الكتاب بالحق : أن جميع المكتوب فيه حق ، فمن قرأ المكتوب فيه ، كأنه لا ينطق في قراءته له إلا بالحق ، وربما أطلقت العرب اسم الكلام على