@ 330 @ .
قوله تعالى : { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } . قد قدمنا الآيات الموضحة لما دلت عليه هذه الآية الكريمة في سورة النحل ، في الكلام على قوله تعالى : { يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ } وغيرها ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا . .
قوله تعالى : { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلأَكِلِيِنَ } . قوله : وشجرة : معطوف على : جنات من عطف الخاص على العام . وقد قدمنا مسوغه مراراً : أي فأنشأنا لكم به جنات ، وأنشأنا لكم به شجرة تخرج من طور سيناء وهي شجرة الزيتون ، كما أشار له تعالى بقوله { يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ } ، والدهن الذي تنبت به : هو زيتها المذكور في قوله : { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىءُ } ومع الاستضاءة منها ، فهي صبغ للآكلين : أي إدام يأتدمون به ، وقرأ هذا الحرف : نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو : سيناء بكسر السين ، وقرأ الباقون : بفتحها ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : تنبت بضم التاء ، وكسر الباء الموحدة مضارع أنبت الرباعي ، وقرأ الباقون : تنبت بفتح التاء ، وضم الباء مضارع : نبت الثلاثي ، وعلى هذه القراءة ، فلا إشكال في حرف الباء في قوله : بالدهن : أي تنبت مصحوية بالدهن الذي يستخرج من زيتونها ، وعلى قراءة ابن كثير وأبي عمرو ، ففي الباء إشكال ، وهو أن أنبت الرباعي يتعدى بنفسه ، ولا يحتاج إلى الباء وقد قدمنا النكتة في الإتيان بمثل هذه الباء في القرآن ، وأكثرنا من أمثلته في القرآن ، وفي كلام العرب في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى { وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ } ، ولا يخفى أن أنبت الرباعي ، على قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو هنا : لازمة لا متعدية المفعول ، وأنبت تتعدى ، وتلزم فمن تعديها قوله تعالى : { يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ } وقوله تعالى : { فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ } ومن لزومها قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو المذكورة ، ونظيرها من كلام العرب قول زهير : فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ } ومن لزومها قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو المذكورة ، ونظيرها من كلام العرب قول زهير : % ( رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم % قطيناً بها حتى إذا أنبت البقل ) % .
فقوله : أنبت البقل لازم بمعنى : نبت ، وهذا هو الصواب في قراءة : تنبت بضم التاء . خلافاً لمن قال : إنها مضارع أنبت المتعدي : وأن المفعول محذوف : أي تنبت