@ 329 @ .
ولا شك أن من جملة من أبى منهم إلا كفوراً الذين يزعمون أن المطر لم ينزله منزل هو فاعل مختار ، وإنما نزل بطبيعته ، فالمنزل له عندهم : هو الطبيعة ، وأن طبيعة الماء التبخر ، إذا تكاثرت عليه درجات الحرارة من الشمس أو الاحتكاك بالريح ، وأن ذلك البخار يرتفع بطبيعته . ثم يجتمع ، ثم يتقاطر . وأن تقاطره ذلك أمر طبيعي لا فاعل له ، وأنه هو المطر . فينكرون نعمة الله في إنزاله المطر وينكرون دلالة إنزاله على قدرة منزله ، ووجوب الإيمان به واستحقاقه للعبادة وحده ، فمثل هؤلاء داخلون في قوله { فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } بعد قوله : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ } . وقد صرح في قوله : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ } أنه تعالى ، هو مصرف الماء ، ومنزلة حيث شاء كيف شاء . ومن قبيل هذا المعنى : ما ثبت في صحيح مسلم من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بالحديبية في أثر السماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : قال أصبح من عبادي مؤمن بي ، وكافر بي : فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا ، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) هذا لفظ مسلم رحمه الله في صحيحه ، ولا شك أن من قال : مطرنا ببخار كذا مسنداً ذلك للطبيعة ، أنه كافر بالله مؤمن بالطبيعة والبخار . والعرب كانوا يزعمون أن بعض المطر أصله من البحر ، إلا أنهم يسندون فعل ذلك الفاعل المختار جل وعلا ، ومن أشعارهم في ذلك قول طرفة بن العبد : الصبح بالحديبية في أثر السماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : قال أصبح من عبادي مؤمن بي ، وكافر بي : فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا ، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) هذا لفظ مسلم رحمه الله في صحيحه ، ولا شك أن من قال : مطرنا ببخار كذا مسنداً ذلك للطبيعة ، أنه كافر بالله مؤمن بالطبيعة والبخار . والعرب كانوا يزعمون أن بعض المطر أصله من البحر ، إلا أنهم يسندون فعل ذلك الفاعل المختار جل وعلا ، ومن أشعارهم في ذلك قول طرفة بن العبد : % ( لا تلمني إنها من نسوة % رقد الصيف مقاليت نزر ) % % ( كبنات البحر يمأدن إذا % أنبت الصيف عساليج الخضر ) % .
فقوله : بنات البحر يعني : المزن التي أصل مائها من البحر . .
وقول أبي ذؤيب الهذلي . وقول أبي ذؤيب الهذلي . % ( سقى أم عمرو كل آخر ليلة % حناتم غرماؤهن نجيج ) % % ( شربن بماء البحر ثم ترفعت % متى لجج خضر لهن نئيج ) % .
ولا شك أن خالق السموات والأرض جل وعلا ، هو منزل المطر على القدر الذي يشاء كيف يشاء سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً .