@ 309 @ حفظهم فروجهم ، لا يلزمهم عن نسائهم الذين ملكوا الاستمتاع بهن بعقد الزواج أو بملك اليمين ، والمراد به التمتع بالسراري ، وبين أن من لم يحفظ فرجه عن زوجه أو سريته لا لوم عليه ، وأن من ابتغى تمتعاً بفرجه ، ورواء ذلك غير الأزواج والمملوكات فهو من العادين : أي المعتدين المتعدين حدود الله ، المجاوزين ما أحله الله إلى ما حرمه . .
وبين معنى العادين في هذه الآية قوله تعالى في قوم لوط : { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } وهذا الذي ذكره هنا ذكره أيضاً في سورة سأل سائل لأنه قال فيها في الثناء على المؤمنين { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } . .
مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة .
المسألة الأولى : اعلم أن ما في قوله { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } من صيغ العموم ، والمراد بها من وهي من صيغ العموم . فآية { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } وآية { سَأَلَ سَآئِلٌ } تدل بعمومها المدلول عليه بلفظة ما ، في قوله { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } في الموضعين على جواز جمع الأختين بملك اليمين في التسري بهما معاً لدخولهما في عموم { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } وبهذا قال داود الظاهري ، ومن تبعه : ولكن قوله تعالى { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاٍّ خْتَيْنِ } يدل بعمومه على منع جمع الأختين ، بملك اليمين ، لأن الألف واللام في الأختين صيغة عموم ، تشمل كل أختين . سواء كانتا بعقد أو ملك يمين ولذا قال عثمان رضي الله عنه ، لما سئل عن جمع الأختين بملك اليمين : أحلتهما آية ، وحرمتهما أخرى يعني بالآية المحللة { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } وبالمحرمة { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاٍّ خْتَيْنِ } . .
وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب وسنذكر هنا إن شاء الله المهم مما ذكرنا فيه ونزيد ما تدعو الحاجة إلى زيادته . .
وحاصل تحرير المقام في ذلك : أن الآيتين المذكورتين بينهما عموم ، وخصوص من وجه ، يظهر للناظر تعارضهما في الصورة التي يجتمعان فيها كما قال عثمان رضي الله عنهما : أحلتهما آية ، وحرمتهما أخرى وإيضاحه أن آية : { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاٍّ خْتَيْنِ } تنفرد عن آية { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } في الأختين المجموع بينهما ، بعقد نكاح وتنفرد